للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة وَهِي قَوْله عَذَاب الْقَبْر دَائِم أم مُنْقَطع جوابها أَنه

نَوْعَانِ نوع دَائِم سوى مَا ورد فِي بعض الْأَحَادِيث أَنه يُخَفف عَنْهُم مَا بَين النفختين فَإِذا قَامُوا من قُبُورهم قَالُوا {يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} وَيدل على دَوَامه قَوْله تَعَالَى {النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدوا وعشيا} وَيدل عَلَيْهِ أَيْضا مَا تقدم فِي حَدِيث سَمُرَة الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي رُؤْيا النَّبِي وَفِيه فَهُوَ يفعل بِهِ ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي قصَّة الجريدتين لَعَلَّه يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم تيبسا فَجعل التَّخْفِيف مُقَيّدا برطوبتهما فَقَط

وَفِي حَدِيث الرّبيع بن أنس عَن أبي الْعَالِيَة عَن أبي هُرَيْرَة ثمَّ أَتَى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عَادَتْ لَا يفتر عَنْهُم من ذَلِك شَيْء وَقد تقدم وَفِي الصَّحِيح فِي قصَّة الَّذِي لبس بردين وَجعل يمشي يتبختر فَخسفَ الله بِهِ الأَرْض فَهُوَ يتجلجل فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَفِي حَدِيث الْبَراء بن عَازِب فِي قصَّة الْكَافِر ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَينْظر إِلَى مَقْعَده فِيهَا حَتَّى تقوم السَّاعَة رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَفِي بعض طرقه ثمَّ يخرق لَهُ خرقا إِلَى النَّار فيأتيه من غمها ودخانها إِلَى الْقِيَامَة

النَّوْع الثَّانِي إِلَى مُدَّة ثمَّ يَنْقَطِع وَهُوَ عَذَاب بعض العصاة الَّذين خفت جرائمهم فيعذب بِحَسب جرمه ثمَّ يُخَفف عَنهُ كَمَا يعذب فِي النَّار مُدَّة ثمَّ يَزُول عَنهُ الْعَذَاب

وَقد يَنْقَطِع عَنهُ الْعَذَاب بِدُعَاء أَو صَدَقَة أَو اسْتِغْفَار أَو ثَوَاب حج أَو قِرَاءَة تصل إِلَيْهِ من بعض أَقَاربه أَو غَيرهم وَهَذَا كَمَا يشفع الشافع فِي المعذب فِي الدُّنْيَا فيخلص من الْعَذَاب بِشَفَاعَتِهِ لَكِن هَذِه شَفَاعَة قد لَا تكون باذن الْمَشْفُوع عِنْده وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يتَقَدَّم أحد بالشفاعة بَين يَدَيْهِ إِلَّا من بعد إِذْنه فَهُوَ الَّذِي يَأْذَن للشافع أَن يشفع إِذا أَرَادَ أَن يرحم الْمَشْفُوع لَهُ وَلَا تغتر بِغَيْر هَذَا فَإِنَّهُ شرك وباطل يتعالى الله عَنهُ من ذَا الذى يشفع عِنْده إِلَّا باذنه وَلَا يشفعون إِلَّا لمن ارتضى مَا من شَفِيع إِلَّا من بعد إِذْنه وَلَا تَنْفَع الشَّفَاعَة عِنْده إِلَّا لمن أذن لَهُ قَالَ لله الشَّفَاعَة جَمِيعًا لَهُ ملك السَّمَوَات والارض

وَقد ذكر ابْن أَبى الدُّنْيَا حَدَّثَنى مُحَمَّد بن مُوسَى الصَّائِغ حَدثنَا عبد الله بن نَافِع قَالَ مَاتَ رجل من أهل الْمَدِينَة فَرَآهُ رجل كَأَنَّهُ من أهل النَّار فاغتنم لذَلِك ثمَّ أَنه بعد سَاعَة أَو

<<  <   >  >>