للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا من الْكَلَام الْمُبَاح الَّذِي يَقُوله النَّاس إِذا خربَتْ الْبِلَاد وَكَانُوا يعرفونها عامرة من قبل

وَكَثِيرًا مَا قيل هَذَا فِي ندب الأطلال الخالية والرسوم البالية إِلَّا أَن أهل المراقبة يطْلبُونَ بِهَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي كَانَ غَيرهَا أولى مِنْهَا كَمَا تقدم

فَإِن مثل أُولَئِكَ لَا يستبعدون كَائِنا فِي مَقْدُور الله تَعَالَى كَانَ مُعْتَادا أَو غير مُعْتَاد لما يعلمُونَ من نُفُوذ إِرَادَته ومضاء أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كن فَيكون

كَمَا عتب الْمَلَائِكَة امْرَأَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حَيْثُ قَالَت

يَا ويلتا أألد وَأَنا عَجُوز الْآيَة فَقَالُوا لَهَا {أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله}

أَي مثلك يرى فِي فعل الله عجبا وَأَنت صديقَة

قَالَ الْمَشَايِخ الْعجب أَن لَا ترى عجبا فَإِذا لم تَرَ عجبا كنت أَنْت الْعجب

فَلَمَّا استبعد إصلاحها على مجْرى الْعَادة أرَاهُ الْآيَة فِي نَفسه فأماته ثمَّ أَحْيَاهُ بعد مئة سنة ثمَّ أطلعه على ذَلِك بِأَن أنشأ لَهُ الْحمار الَّذِي كَانَ يركبه بَعْدَمَا أَمَاتَهُ ورم حَتَّى صَار تُرَابا ثمَّ أنشأه لَهُ من التُّرَاب وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ وَأبقى عنبه كَمَا كَانَ بعد مئة سنة ثمَّ الْتفت إِلَى جِهَة مَدِينَة بَيت الْمُقَدّس فرآها أعمر مَا كَانَت قبل فندم على قولته فَكَأَن الله عز وَجل عَتبه وأدبه حَتَّى لَا يستبعد وُقُوع مَقْدُور تَحت الْقَهْر كَانَ خارقا أَو غير خارق

فَهَذَا هُوَ الَّذِي يجوز فِي حَقه عَلَيْهِ السَّلَام لَا مَا اختلقوه

<<  <   >  >>