للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الركن الأول - الإحرام:

معنى الإحرام:

لغة: هو مصدر من أَحرم، أي دخل في حرمة لا تُنتهك (أي في ذِمَّة) .

شرعاً: الدخول في حُرُمات مخصوصة؛ أي التزامها. وقد عرَّفه البعض بأنه النية مع التلبية.

حكمه: هو فرض يجمع بين الشرط والركن. فهو شرط ابتداء، لذا يصح قبلا أشهر الحج مع الكراهة. وله معنى الركن، لأنه لو فاته الحج في العام الذي أحرم فيه حَلَّ بعمرة ثم يقضي في العام القادم بإحرام جديد، ولأنه في الوقت نفسه داخل في أفعال الحج.

شروط تحقق الإحرام:

-١ - النية: وهي قصد القلب الدخول بالحج أو العمرة، لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) (١) . وإذا أبهم الإحرام فلم يعين ما أحرم به جاز، لكن عليه التعيين قبل أن يَشرع في الطواف، فإن أُحصِر أو فسد إحرامه قبل التعيين صرف العمرة، ولا يصرف للحج إلا إذا عينه قبل أن يبدأ بالأفعال. ولو وقف بعرفة قبل الطواف تعين إحرامه للحج. ولو أطلق نية الحج صرف للفرض، وإن عين نفلاً صار نفلاً، إلا عند محمد إن عين نفلاً ولم يكن قد حج للفرض صرف للفرض. وبناء على هذا يجوز عند الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه، ولا يجوز عند الإمام محمد ولو حج عن غيره ولم يكن قد حج عن نفسه انصرفت الحَجة له.

ويستحب التلفظ بالنية وكماله أن يقول: نويت الحج وأحرمت به لله تعالى.

كما يستحب أن يقرن النية بالدعاء فيقول: اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبَّلْه مني (٢) . ويسن أن يذكر ما نواه أثناء التلبية، فعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لبيك عمرة وحجاً) (٣) .

-٢ - الذكر وهو التلبية أو ما يقوم مقامها ويسمى بالخصوصية. فلو نوى ولم يذكر لا يصير محرماً.

شروط تحقق الذكر:

-١ - أن يكون مقروناً بالنية للمرة الأولى.

-٢ - أن يتلفظ به لسانه، وقيل: حتى الأخرس يلزمه تحريك لسانه، ولا يشترط أن يكون بالعربية فيصح بغيرها.

-٣ - أن يكون بالصيغة التالية: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) (٤) . ويكره تحريماً أن يُنقِص عن هذه الصيغة.

ويسن في التلبية:

-١ - أن يزيد على الصيغة السابقة وخاصة بالمأثور، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات ويقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك، لبيك والرغباء إليك والعمل" (٥) . وعن أنس رضي الله عنه قال: "كانت تلبية النبي صلى الله عليه وسلم لبيك حجاً حقاً تعبداً ورقاً" (٦) . وعن ابن عباس رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف بعرفات، فلما قال لبيك اللهم لبيك. قال: إنما الخير خير الآخرة) (٧) .

-٢ - أن يرفع الصوت بها، لما روى خلاد بن السائب عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية) (٨) .

-٣ - أن يكررها دائماً، لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من محرم يَضْحَى لله يومه، يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه فعاد كما ولدته أمه) (٩) .

ما يقوم مقام الذكر: تقليد بدنة، وهو ما يسمى بالخصوصية. ويشترط في التقليد (١٠) اقترانه بالنية.


(١) البخاري: ج ١ / كتاب بدء الوحي باب ١/١.
(٢) طلب التيسير لوجود المشقة وطول زمن الحج، وطلب القبول اقتداء بإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: {ربنا يقبل منا إنك أنت السميع العليم} فهما طلبا ذلك في بناء البيت، والعبادة في المساجد عمارة لها ناسبها هذا الدعاء.
(٣) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٣٤/٢١٥.
(٤) البخاري: ج ٢ / كتاب الحج باب ٢٥/١٤٧٤.
(٥) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٣/٢١.
(٦) مجمع الزوائد: ج ٣ / ص ٢٢٣.
(٧) مجمع الزوائد: ج ٣ / ص ٢٢٣.
(٨) الترمذي: ج ٣ / كتاب الحج باب ١٥/٨٢٩.
(٩) ابن ماجة: ج ٢ / كتاب المناسك باب ١٧/٢٩٢٥.
(١٠) التقليد: هو ربط عنق البدنة (بقر أو جمل) ، ولا يجزئ تقليد الشاة.

<<  <   >  >>