للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهِي الَّتِي تدخلهم إِلَى التحاسد والمعايرة فيعجز كل قوم أنفسهم فِي طلب معاشهم وَأَن الأخرة عِنْدهم مُهْملَة

يَا هَذَا لقد كثر غلطك حَتَّى يعجز النَّاظر فِيهِ عَن إحصائه وَعظم سقطك حَتَّى لَا أقدر على اسْتِقْصَائِهِ ... تَفَرَّقت الظباء على خرَاش ... فَمَا يدْرِي خرَاش مَا يصيد ...

فَتَارَة يتثبج عَلَيْك الْكَلَام وَأُخْرَى تبدل الْمَدْح بالملام فَرُبمَا تُرِيدُ أَن تمدح فتذم وتظن أَنَّك تحل ربطا وَأَنت تزم وَأَنت فِي هَذَا الْكَلَام قد لحنت فِيهِ فِي عدَّة مَوَاضِع وَأَرَدْت أَن تَقول شَيْئا فعبرت عَنهُ بِعِبَارَة يفهم مِنْهَا بِحكم وَضعهَا خلاف مَا أردْت أَن تَقول وَذَلِكَ يبن عِنْد من تَأمله من أهل الْعُقُول

وَبِالْجُمْلَةِ فَأَنت فِي هَذَا الْفَصْل أردْت أَن تنفصح وتغرب فَإِذا بك تبهم وَلَا تعرب على أَن كلامك فِي هَذَا الْفَصْل قَلِيل الجدوى واهي الأَصْل فَيَنْبَغِي أَن تتعدى أَكثر كلامك وتنزه عقولا عَن الْأَخْذ فِي كثير من هذيانك فَإِن الْأَخْذ فِي الخرافات والإشتغال بالترهات مخل بالعقول والمروآت

ثمَّ قلت بعد ذكر كَلَام حاكيت بِهِ فعل السفلة الطغام الْمَعْدُودين فِي رعاع الأعوام لِأَن كل قوم قلدوا سلفهم وطاب عِنْدهم خبرهم فِي مدح دينهم وذم غَيرهم يَا هَذَا جهلت كل الْأَنَام إِذْ زعمت أَن التَّقْلِيد دأب كل الأقوام وَلَو أنصفت فِي الْقَضِيَّة وَعدلت بِالسَّوِيَّةِ لَقلت أَن النَّاس قِسْمَانِ قسم إِيمَانهم برهاني وَقسم اعْتِقَادهم تقليدي هَكَذَا ظهر من أَمر أهل الْأَدْيَان وَأما من لم يتدين بدين فَيَنْبَغِي أَلا يعد فِي الْمُوَحِّدين

وَبعد هَذَا يَنْبَغِي أَن تعلم أَن أُمُور الإعتقاد وَالْإِيمَان لم يقنع فِيهَا قطّ أحد من الْفُضَلَاء بالتقيلد من غير برهَان وَلأَجل هَذَا حرم الله علينا الركون إِلَى التَّقْلِيد وذم من عول فِي إعتقاده على إتباع الْآبَاء والجدود فَقَالَ تَعَالَى حِكَايَة عَن الْمُقَلّد وذاما لَهُ وموبخا لَهُ على جَهله {بل قَالُوا إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مهتدون وَكَذَلِكَ مَا أرسلنَا من قبلك فِي قَرْيَة من نَذِير إِلَّا قَالَ مترفوها إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مقتدون قَالَ أولو جِئتُكُمْ بأهدى مِمَّا وجدْتُم عَلَيْهِ آبَاءَكُم قَالُوا إِنَّا بِمَا أرسلتم بِهِ كافرون}

<<  <   >  >>