للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّهُ لم يُمكن فِي الْحِكْمَة الأزلة أَن ينْتَقم الله من عَبده العَاصِي آدم الَّذِي ظلمه واستهان بِقَدرِهِ فَلم يرد الله الإنتقام مِنْهُ لإعتلاء منزلَة السَّيِّد وَسُقُوط منزلَة العَبْد أَرَادَ أَن ينتصف من الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ إِلَه مثله فانتصف من خَطِيئَة آدم بصلب عِيسَى الْمَسِيح الَّذِي هُوَ إِلَه مسَاوٍ مَعَه

فَانْظُرْهُ تواقح هَذَا الْقَائِل وإستخفافه بِحَق الله تَعَالَى وجهله وتناقضه وحمقه فوَاللَّه لَو حكى مثل هَذَا القَوْل السخيف عَن مَجْنُون أَو موسوس لما كَانَ يعْذر بقوله ولبودر بضربه وَقَتله حَتَّى لَا يجترئ على مثله وَنحن نربأ بِأَكْثَرَ المجانين والموسوسين أَن يتقولوا بِهَذَا الْمَذْهَب الغث الهجين أَو ينتحلوا ركاكة هَذَا الدّين السقيم إِلَّا أَن يكون مُسْتَغْرقا فِي الوسوسة وَالْجُنُون فالحمق أَنْوَاع وَالْجُنُون فنون

وَعند الْوُقُوف على هَذَا الْمذَاهب القبيحة والأوهام يتَبَيَّن فضل دين الْإِسْلَام ويتحقق معنى قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أَرَادَ الله إِنْفَاذ قَضَائِهِ وَقدره سلب ذَوي الْعُقُول عُقُولهمْ حَتَّى ينفذهُ فيهم

وَفِي مثل هَذَا الضَّرْب الْمثل إِذا جَاءَ الْبَين صم الْأذن وعمى الْعين والحمدلله الَّذِي أعاذنا من هَذِه الرذائل وتفضل علينا بدين الحنيفية الَّذِي خص بِكُل الْفَضَائِل الَّتِي يقبلهَا بفطرته الأولى كل عَاقل ويستحسنها كل ذكي فَاضل

فقد تحصل من هَاتين المقدمتين معنى النُّبُوَّة وَبَيَان شُرُوطهَا وَأَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام نَبِي وَرَسُول إِذْ قد كملت فِيهِ شُرُوط الرسَالَة وَأَنه لَيْسَ باله وَأَن النَّصَارَى لَيْسُوا عَالمين بِشَيْء من أَحْوَال الْمَسِيح وَلَا من معجزاته على الْيَقِين وَالتَّفْصِيل

وغايتهم أَن يعلمُوا أمورا جملية لكثر ة تكْرَار هَذَا الْمَعْنى عَلَيْهِم

ثمَّ تِلْكَ الْأَخْبَار الَّتِي يتحدثون بهَا عَن الْمَسِيح وتتكرر عَلَيْهِم لَو كلفوا أَن يسندوا شَيْئا مِنْهَا لغير الْإِنْجِيل كَمَا ينْقل متواترا لما اسْتَطَاعُوا شَيْئا من ذَلِك وَلَا وجدوا إِلَيْهِ سَبِيلا

وَمِمَّا يُؤَيّد هَذَا الْمَعْنى ويوضحه أَن الْيَهُود كَانُوا رهطه وكفلته

<<  <   >  >>