للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كَانُوا مرتهنين بِمَعْصِيَة أَبِيهِم حَتَّى فداهم الْمَسِيح بِنَفسِهِ بل لم يتَصَوَّر عِنْدهم عَفْو الله حَتَّى انتقم من إِلَه مثله تَعَالَى الله وتقدس عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا

فعلى هَذَا نقُول لَهُم لَا يَخْلُو الْعَفو من أَن يكون هُوَ الأولى مُطلقًا أَو الإنتقام هُوَ الْأَفْضَل أَو الْحَالة الثَّالِثَة فَإِن كَانَ الْعَفو هُوَ الأولى فَلم لم يعف الله تَعَالَى عَن آدم من غير أَن يُعَاقِبهُ وبنيه على مَا زعمتم وَإِن كَانَ الإنتقام هُوَ الأولى فَلم لم ينْتَقم من آدم وبنيه مُطلقًا

فَلم يبْق على هَذَا إِلَّا أَن الأولى هُوَ الْحَالة الثَّالِثَة وَهُوَ الإنتقام فِي حَال من مُسْتَحقّه وَالْعَفو فِي حَال أُخْرَى عَن مُسْتَحقّ الْعقَاب تفضلا وتكرما حسب مَا يُريدهُ الْبَارِي تَعَالَى

وعَلى هَذَا الْمِنْهَاج السديد وَالْأَمر الرشيد جَاءَت شريعتنا فَهِيَ كَامِلَة متممة والحمدلله ثمَّ إِذا كَانَ الْعَفو هُوَ الأولى وَالْأَفْضَل وَبِه جَاءَت شريعتكم فلأي معنى تتركون شريعتكم الأولى

فقد اعترفتم بألسنتكم وتناقضتم بأفعالكم وَكم لكم مِنْهَا وَكم

وَأما إعتراضه على شرعنا بتحليل نِكَاح الْكثير من النِّسَاء فَذَلِك مَالا يَنْبَغِي أَن يُنكره أحد من الْعُقَلَاء فَإِنَّهُ من مجوزات الْعُقُول وَقد ورد بذلك الشَّرْع الصَّادِق الْمَنْقُول ثمَّ قد ورد عَن جمَاعَة من الرُّسُل وَقد جَاءَت بذلك الْكتب ألم يَجِيء فِي التَّوْرَاة أَن إِبْرَاهِيم كَانَت لَهُ سارة وَهَاجَر وَكَذَلِكَ ورد فِيهَا أَن يَعْقُوب جمع بَين أُخْتَيْنِ ليئة وراحيل وَقد ثَبت أَيْضا أَن سُلَيْمَان كَانَت لَهُ مائَة إمرأة أَو تِسْعَة وَتسْعُونَ بل قد روى فِي الْإسْرَائِيلِيات أَنه كَانَ لَهُ ثَلَاث مائَة إمرأة حرَّة وَسبع مائَة سَرِيَّة

فَإِن كَذبْتُمْ شرعنا لأجل أَنه اشْتَمَل على جَوَاز نِكَاح نسَاء كَثِيرَة فلتكذبوا بنبوة إبراهم وَيَعْقُوب وَسليمَان وَلَا فرق بَين نَبينَا وَبَين هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُم رَسُول الله يبلغ

<<  <   >  >>