للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَو بِالْعَكْسِ فَإِن انطبعت فِيهِ بالإستقامة فأقنوم الْكَلِمَة فِي الْجَوْهَر بالإنعكاس وَإِن انطبعت فِيهِ بالإنعكاس فَلم تبْق الْكَلِمَة فِي الناسوت على حَقِيقَتهَا فِي اللاهوت بل هِيَ منعكسة فَلَا تبقى حَقِيقَة الْعلم على مَا كَانَت بل هِيَ لَيْسَ بِعلم وَهَذَا كُله مِمَّا يلْزم على آرائهم الْفَاسِدَة وتحكماتهم الْبَارِدَة

وَأما من لبس مِنْهُم بِأَن مثل قَوْلهم فِي الإتحاد بقولنَا فِي إستوائه تَعَالَى على الْعَرْش فَذَلِك مِمَّا لَا يُقَال عَلَيْهِ عندنَا اتِّحَاد وَلَا حُلُول وَلَا فيض وَلَا انطباع لأَنا نُرِيد بقولنَا هُوَ على الْعَرْش مستو واستوى على الْعَرْش أَن الْعَرْش تَحت قَبضته ومسخر بقدرته والإستواء عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ بِمَعْنى الإستيلاء على مَا يعرفهُ الْعَرَب من كَلَامهَا فَإِنَّهَا تَقول ... قد اسْتَوَى بشر على الْعرَاق

بِغَيْر سيف وَدم مهراق ...

فَإِن أَرَادوا هَذَا الْمَعْنى فَهُوَ حق وصحيح لكنه لَا يَصح فِي حق عِيسَى وَحده فَإِن الله تَعَالَى مستول على عِيسَى وعَلى غَيره وَأما من أطلق مِنْهُم لفظ النُّزُوع فيستحيل على الْحَقِيقَة والتوسع وَذَلِكَ أَن هَذَا اللَّفْظ يشْعر بِأَن اللاهوت اتخذ الناسوت درعا أَو كالدرع وَهَذَا كُله مُسْتَحِيل على الْإِلَه تبَارك وَتَعَالَى وعَلى علمه وكل مَا تقدم من المحالات على هَذَا الْمَذْهَب يلْزم

وعَلى الْجُمْلَة فَهَؤُلَاءِ الْقَوْم أغبياء جاهلون وَعَن التَّوْفِيق معزولون فهم عَن المعقولات معرضون وَبهَا مستهزءون لَا يستحيون من خالقهم وَلَا يتأدبون مَعَ مالكهم ورازقهم فسبحان الله عَمَّا يَقُول الجاهلون وَتَعَالَى عَمَّا ينْسبهُ إِلَيْهِ المبطلون بل هُوَ الله الْوَاحِد الْأَحَد الْفَرد الصَّمد الَّذِي {لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد}

وَلَوْلَا ضَرُورَة الْحَال ورجاء قمع أهل الضلال لما استجزت حِكَايَة مثل هَذَا الْمقَال وَأَنا أسْتَغْفر الله ذَا العظمة الْجلَال إِنَّه ذُو الْعَفو والأفضال

<<  <   >  >>