للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَالَ بَعضهم كَلَام الله أَمر وَنهي وَخبر ووعد ووعيد وقصص وأمثال وَالله تَعَالَى لم يزل آمرا ناهيا مخبرا واعدا موعدا حامدا ذاما إِذا خلقْتُمْ وَبَلغت عقولكم فافعلوا كَذَا وانتم مذمومون على معاصيكم مثابون على طاعتكم إِذا خلقْتُمْ كَمَا أَنا مأمورون مخاطبون بِمَا نزل من القرأن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم نخلق بعد وَلم نَكُنْ موجودين

وَأجْمع الْجُمْهُور مِنْهُم على أَن كَلَام الله تَعَالَى لَيْسَ بحروف وَلَا صَوت وَلَا هجاء بل الْحُرُوف وَالصَّوْت والهجاء دلالات على الْكَلَام وَأَنَّهَا لِذَوي الْآلَات والجوارح الَّتِي هِيَ اللهوات والشفاه والألسنة وَالله تَعَالَى لَيْسَ بِذِي جارحة وَلَا مُحْتَاج إِلَى آلَة فَلَيْسَ كَلَامه بحروف وَلَا صَوت

وَقَالَ بعض كبرائهم فِي الْكَلَام لَهُ من تكلم بالحروف فَهُوَ مَعْلُول وَمن كَانَ كَلَامه باعتقاب فَهُوَ مُضْطَر

وَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم كَلَام الله حُرُوف وَصَوت وَزَعَمُوا أَنه لَا يعرف كَلَامه إِلَّا كَذَلِك مَعَ إقرارهم أَنه صفة الله تَعَالَى فِي ذَاته غير مَخْلُوق وَهَذَا قَول حَارِث المحاسبي وَمن الْمُتَأَخِّرين ابْن سَالم

وَالْأَصْل فِي هَذَا أَنه لما ثَبت أَن الله تَعَالَى قديم وَأَنه غير مشبه لِلْخلقِ من جَمِيع الْوُجُوه كَذَلِك صِفَاته لَا تشبه صِفَات المخلوقين فَلَا يكون كَلَامه حروفا وصوتا ككلام المخلوقين

وَلما أثبت الله لنَفسِهِ كلَاما بقوله {وكلم الله مُوسَى تكليما} وَقَوله {إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه أَن نقُول لَهُ كن فَيكون} وَقَالَ {حَتَّى يسمع كَلَام الله} وَجب أَن يكون مَوْصُوفا بِهِ لم يزل لِأَنَّهُ لَو لم يكن

<<  <   >  >>