للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَلَمَّا كَانَت أفعاهم أَشْيَاء وَجب أَن يكون الله خَالِقهَا وَلَو كَانَت الْأَفْعَال غير مخلوقة لَكَانَ الله جلّ وَعز خَالق بعض الْأَشْيَاء دون جَمِيعهَا ولكان قَوْله {خَالق كل شَيْء} كذبا تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا

وَمَعْلُوم أَن الْأَفْعَال أَكثر من الْأَعْيَان فَلَو كَانَ الله تَعَالَى خَالق الْأَعْيَان والعباد خالقي الْأَفْعَال لَكَانَ الْخلق أولى بِصفة الْمَدْح فِي الْخلق من اللع تَعَالَى ولكان خلق الْعباد أَكثر من خلق الله وَلَو كَانُوا كَذَلِك لكانوا أتم قدرَة من الله تَعَالَى وَأكْثر خلقا مِنْهُ وَقد قَالَ الله تَعَالَى {أم جعلُوا لله شُرَكَاء خلقُوا كخلقه فتشابه الْخلق عَلَيْهِم قل الله خَالق كل شَيْء وَهُوَ الْوَاحِد القهار} فنفى أَن يكون خَالِقًا غَيره وَقَالَ الله تَعَالَى {وقدرنا فِيهَا السّير} فَأخْبر أَنه قدر سير الْعباد وَقَالَ {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} وَقَالَ {من شَرّ مَا خلق}

فَدلَّ أَن مِمَّا خلق شرا وَقَالَ {وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه عَن ذكرنَا} أَي خلقنَا الْغَفْلَة فِيهِ وَقَالَ {وأسروا قَوْلكُم أَو اجهروا بِهِ إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور أَلا يعلم من خلق} فَأخْبر أَن قَوْلهم وسرهم وجهرهم خلق لَهُ

وَقَالَ عمر رضى الله عَنهُ يارسول الله أَرَأَيْت مَا نعمل فِيهِ أَعلَى أَمر قد فرغ مِنْهُ أَو أَمر مُبْتَدأ فَقَالَ على أَمر قد فرغ مِنْهُ فَقَالَ عمر أَفلا نَتَّكِل وَنَدع الْعَمَل فَقَالَ اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ

<<  <   >  >>