للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَأول مَا يلْزمه علم آفَات النَّفس ومعرفتها ورياضتها وتهذيب أخلاقها ومكائد الْعَدو وفتنة الدُّنْيَا وسبيل الِاحْتِرَاز مِنْهَا وَهَذَا الْعلم علم الْحِكْمَة

فَإِذا استقامت النَّفس على الْوَاجِب وصلحت طباعها وتأدبت بآداب الله عز وَجل من زم جوارحها وَحفظ أطرافها وَجمع حواسها سهل عَلَيْهِ إصْلَاح أخلاقها وتطهير الظَّاهِر مِنْهَا والفراغ مِمَّا لَهَا وعزوفها عَن الدُّنْيَا وإعراضها عَنْهَا

فَعِنْدَ ذَلِك يُمكن العَبْد مراقبة الخواطر وتطهير السرائر وَهَذَا هُوَ علم الْمعرفَة

ثمَّ وَرَاء هَذَا عُلُوم الخواطر وعلوم المشاهدات المكاشفات وهى الَّتِى تخْتَص بِعلم الْإِشَارَة وَهُوَ الْعلم الذى تفردت بِهِ الصُّوفِيَّة بعد جمعهَا سَائِر الْعُلُوم الَّتِى وصفناها

وَإِنَّمَا قيل علم الْإِشَارَة لِأَن مشاهدات الْقُلُوب ومكاشفات الْأَسْرَار لَا يُمكن الْعبارَة عَنْهَا على التَّحْقِيق بل تعلم بالمنازلات والمواحيد وَلَا يعرفهَا إِلَّا من نَازل تِلْكَ الْأَحْوَال وَحل تِلْكَ المقامات

روى سعيد بن الْمسيب عَن أَبى هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الْعلم كَهَيئَةِ الْمكنون لَا يُعلمهُ إِلَّا أهل الْمعرفَة بِاللَّه فَإِذا نطقوا بِهِ لم يُنكره إِلَّا أهل الْغرَّة بِاللَّه

وَعَن عبد الْوَاحِد بن زيد قَالَ سَأَلت الْحسن عَن علم الْبَاطِن فَقَالَ سَأَلت حُذَيْفَة بن الْيَمَان عَن علم الْبَاطِن فَقَالَ سَأَلت رَسُول الله عَن علم الْبَاطِن فَقَالَ سَأَلت جِبْرِيل عَن علم الْبَاطِن فَقَالَ سَأَلت الله عز وَجل عَن علم الْبَاطِن فَقَالَ هُوَ سر من سرى أجعله فى قلب عبدى لَا يقف عَلَيْهِ أحد من خلقى قَالَ أَبُو الْحسن بن أَبى ذَر فى كِتَابه منهاج الدّين أنشدونا للشبلى

<<  <   >  >>