للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَلم خدعتني فَقَالَ لابان لَا نصْنَع هَكَذَا فِي موضعنا أَن نزوج الصُّغْرَى قبل الْكُبْرَى أكمل أُسْبُوع هَذِه وَأُعْطِيك أَيْضا هَذِه بِخِدْمَة سبع سِنِين أُخْرَى وصنع يَعْقُوب كَذَلِك وأكمل أُسْبُوع ليئة وَأعْطى راحيل ابْنَته لتَكون لَهُ زَوْجَة

قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فِي هَذَا الْفَصْل آبدة الدَّهْر وَهِي إقرارهم أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام تزوج راحيل فأدخلت عَلَيْهِ غَيرهَا فحصلت ليئة إِلَى جنبه بِلَا نِكَاح وَولد لَهَا مِنْهُ سِتَّة ذُكُور وَابْنَة وَهَذَا هُوَ الزِّنَا بِعَيْنِه أَخذ امْرَأَة لم يَتَزَوَّجهَا بخديعة وَقد أعاذ الله نبيه من هَذِه السوءة وأعاذ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام مُوسَى وَهَارُون وَدَاوُد وَسليمَان من أَن يَكُونُوا من مثل هَذِه الْولادَة وَهَذَا يشْهد ضَرُورَة أَنَّهَا من توليد زنديق متلاعب بالديانات فَإِن قَالُوا لَا بُد أَنه قد تزَوجهَا إِذْ علم أَنَّهَا لَيست الَّتِي تزوج قُلْنَا فعلي أَن نسمح لكم بِهَذَا فالنسخ ثَابت وَلَا بُد لِأَن نِكَاح أُخْتَيْنِ مَعًا حرَام فِي توراتكم وَقد قَالَ لي بَعضهم فِي هَذَا لم تكن الشَّرَائِع نازلة من الله تَعَالَى قبل مُوسَى فَقلت هَذَا كذب أَلَيْسَ فِي نَص توراتكم أَن الله تَعَالَى قَالَ لنوح عَلَيْهِ السَّلَام كل دَبِيب حَيّ يكون لكم أكله كخضراء العشب أُعْطِيكُم لَكِن اللَّحْم بدمه لَا تأكلوه وَأما دماؤكم فِي أَنفسكُم فسأطلبها فَهَذِهِ شَرِيعَة إِبَاحَة وَتَحْرِيم قبل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام

[فصل]

وَبعد ذَلِك ذكر أَن يَعْقُوب رَجَعَ من عِنْد خَاله لابان بنسائه وَأَوْلَاده قَالَ وَلما أصبح أجَاز امرأتيه وجاريته وَأحد عشر من وَلَده المخاضة وَبَقِي وَحده وصارعه رجل إِلَى الصُّبْح فَلَمَّا عجز عَنهُ ضرب حق فَخذه فانخلع حق فَخذ يَعْقُوب فِي مصارعته مَعَه وَقَالَ لَهُ خَلِّنِي لِأَنَّهُ قد طلع الْفجْر قَالَ لست أدعك حَتَّى تبَارك عَليّ فَقَالَ لَهُ كَيفَ اسْمك قَالَ يَعْقُوب قَالَ لَهُ لست تدعى من الْيَوْم يَعْقُوب بل إِسْرَائِيل من أجل أَنَّك كنت قَوِيا على الله فَكيف على النَّاس فَقَالَ لَهُ يَعْقُوب عرفني بِاسْمِك فَقَالَ لَهُ لَو لم تَسْأَلنِي عَن اسْمِي وَبَارك عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْموضع فَسُمي يَعْقُوب ذَلِك الْموضع فنيئيل وَقَالَ رَأَيْت الله تَعَالَى مُوَاجهَة وسلمت نَفسِي وبزغت لَهُ الشَّمْس بعد أَن جَاوز فنيئيل وَهُوَ يعرج من رجله وَلِهَذَا لَا يَأْكُل بَنو إِسْرَائِيل الْعقب الَّذِي على حق الْفَخْذ إِلَى الْيَوْم لِأَنَّهُ ضرب حق فَخذ يَعْقُوب لمس الله وانقباضه

قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فِي هَذَا الْفَصْل شنعة على كل من سلف يقشعر مِنْهَا جُلُود أهل الْعُقُول وَبِاللَّهِ الْعَظِيم لَوْلَا أَن الله عز وَجل قصّ علينا كفرهم بقَوْلهمْ {يَد الله مغلولة} وبقولهم {إِن الله فَقير وَنحن أَغْنِيَاء} لما نطقت ألسنتنا بحكاية هَذِه العظائم لَكنا نحكيه منكرين كَمَا نتلوه فِيمَا نَصه عز وَجل لنا تحذيراً من إفكهم

قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ ذكر فِي هَذَا الْمَكَان أَن يَعْقُوب صارع الله عز وَجل تَعَالَى الله عَن ذَلِك وَعَن كل شبه لخلقه فَكيف عَن لعب الصراع الَّذِي لَا يَفْعَله إِلَّا أهل البطالة وَأما أهل الْعُقُول فَلَا يَفْعَلُونَهُ لغير ضَرُورَة ثمَّ لم يكتفوا بِهَذِهِ الشُّهْرَة حَتَّى قَالُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>