للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهُوَ نَبِي مثله وأسن مِنْهُ وَلَا ذَنْب لَهُ

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا لَيْسَ كَمَا طنوا وَهُوَ خَارج على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن أَخذه بِرَأْس أَخِيه ليقبل بِوَجْهِهِ عَلَيْهِ وَيسمع عتابه لَهُ إِذْ تَأَخّر عَن اتِّبَاعه إِذْ رَآهُمْ ضلوا وَلم يَأْخُذ بِشعر أَخِيه قطّ إِذْ لَيْسَ ذَلِك فِي الْآيَة أصلا وَمن زَاد ذَلِك فِيهَا فقد كذب على الله تَعَالَى لَكِن هَارُون عَلَيْهِ السَّلَام خشيى بادرة من مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وسطوة إِذْ رَآهُ قد اشْتَدَّ غَضَبه فَأَرَادَ توقيفه بِهَذَا الْكَلَام عَمَّا تخوفه مِنْهُ وَلَيْسَ فِي هَذِه الْآيَة مَا يُوجب غير مَا قُلْنَاهُ وَلَا أَنه مد يَده إِلَى أَخِيه أصلا وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَالثَّانِي أَن يكون هَارُون عَلَيْهِ السَّلَام قد يكون اسْتحق فِي نظر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام النكير لتأخيره عَن لحاقه إِذْ رَآهُمْ ضلوا فَأخذ بِرَأْسِهِ مُنْكرا عَلَيْهِ وَلَو كَانَ هَذَا لَكَانَ إِنَّمَا فعله مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام غَضبا لرَبه عز وَجل وقاصداً بذلك رِضَاء الله تَعَالَى ولسنا نبعد هَذَا من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَإِنَّمَا نبعد الْقَصْد إِلَى الْمعْصِيَة وهم يعلمُونَ أَنَّهَا مَعْصِيّة وَهَذَا هُوَ معنى مَا ذكره الله تَعَالَى عَن إِبْرَاهِيم خَلِيله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ قَالَ {وَالَّذِي أطمع أَن يغْفر لي خطيئتي يَوْم الدّين} وَقَول الله تَعَالَى لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} إِنَّمَا الْخَطِيئَة الْمَذْكُورَة والذنُوب المغفورة مَا وَقع بنسيان أَو بِقصد إِلَى الله تَعَالَى إِرَادَة الْخَيْر فَلم يُوَافق رضَا الله عز وَجل بذلك فَقَط وَذكروا قَول مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام للخضر عَلَيْهِ السَّلَام أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس فَأنْكر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام الشَّيْء وَهُوَ لَا يُعلمهُ وَقد كَانَ أَخذ عَلَيْهِ الْعَهْد أَن لَا يسْأَله عَن شَيْء حَتَّى يحدث لَهُ مِنْهُ ذكرا فَهَذَا أَيْضا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَن ذَلِك كَانَ على سَبِيل النسْيَان وَقد بَين مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك بقوله لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً فَرغب إِلَيْهِ أَنه لَا يؤاخذه بنسيانه ومؤاخذة الْخضر لَهُ بِالنِّسْيَانِ دَلِيل على صِحَة مَا قُلْنَا من أَنهم عَلَيْهِم السَّلَام مؤاخذون بِالنِّسْيَانِ وَبِمَا قصدُوا بِهِ الله عز وَجل فَلم يصادفوا بذلك مُرَاد الله عز وَجل وَتكلم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام على ظَاهر الْأَمر وَقدر أَن الْغُلَام زكي إِذْ لم يعلم لَهُ ذَنبا وَكَانَ عِنْد الْخضر الْعلم الجلى بِكفْر ذَلِك الْغُلَام واستحقاقه الْقَتْل فقصد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بكلامة فِي ذَلِك وَجه الله تَعَالَى وَالرَّحْمَة وإنكار مَا لم يعلم وَجهه وَذكروا قَول مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فعلتها إِذا وانا من الضَّالّين فَقَوْل صَحِيح وَهُوَ حَاله قبل النُّبُوَّة فَإِنَّهُ كَانَ ضَالًّا عَمَّا اهْتَدَى لَهُ بعد النُّبُوَّة وضلال الْغَيْب عَن الْعلم كَمَا تَقول أضللت بَعِيري لَا ضلال الْقَصْد إِلَى الْإِثْم وَهَكَذَا قَول الله تَعَالَى لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووجدك ضَالًّا فهدى أَي ضَالًّا عَن الْمعرفَة وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَذكروا قَول الله عز وَجل عَن بني إِسْرَائِيل فقد سَأَلُوا مُوسَى أكبر من ذَلِك فَقَالُوا ارنا الله جهرة فَأَخَذتهم الصاعقة بظلمهم قَالُوا ومُوسَى قد سَأَلَ ربه مثل ذَلِك فَقَالَ رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>