للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبد الله الْحَاكِم النَّيْسَابُورِي أَنه كَانَ يذهب إِلَى هَذَا القَوْل قَالَ دَاوُد بن عَليّ الْفَقِيه رَضِي الله عَنهُ أفضل النَّاس بعد الْأَنْبِيَاء أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأفضل الصَّحَابَة الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين ثمَّ الْأَولونَ من الْأَنْصَار ثمَّ من بعدهمْ مِنْهُم وَلَا نقطع على إِنْسَان مِنْهُم بِعَيْنِه أَنه أفضل من آخر من طبقته وَلَقَد رَأينَا من مُتَقَدِّمي أهل الْعلم مِمَّن يذهب إِلَى هَذَا القَوْل وَقَالَ لي يُوسُف بن عبد الله بن عبد الْبر النميري غير مَا مرّة أَن هَذَا هُوَ قَوْله ومعتقده

قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَالَّذِي نقُول بِهِ وندين الله تَعَالَى عَلَيْهِ ونقطع على أَنه الْحق عِنْد الله عز وَجل أَن أفضل النَّاس بعد الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَبُو بكر وَلَا خلاف بَين أحد من الْمُسلمين فِي أَن أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الْأُمَم لقَوْل الله عز وَجل {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} وَإِن هَذِه قاضية على قَوْله تَعَالَى لبني إِسْرَائِيل {وَإِنِّي فضلتكم على الْعَالمين} وَإِنَّهَا مبينَة لِأَن مُرَاد الله تَعَالَى من ذَلِك عَالم الْأُمَم حاشا هَذِه الْأمة

(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) ثمَّ نقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن الْكَلَام المهمل دون تَحْقِيق الْمَعْنى المارد بذلك الْكَلَام فَإِنَّهُ طمس للمعاني وَصد عَن إِدْرَاك الصَّوَاب وتعريج عَن الْحق وإبعاد عَن الْفَهم وتخليط عمي فلنبدأ بعون الله تَعَالَى وتأييد بتقسيم وُجُوه الْفضل الَّتِي بهَا يسْتَحق التَّفَاضُل فَإِذا استبان معنى الْفضل وعَلى مَاذَا تقع هَذِه اللَّفْظَة فبالضرورة نعلم حِينَئِذٍ أَن من وجدت فِيهِ هَذِه الصِّفَات أَكثر فَهُوَ بِلَا شكّ فَنَقُول وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم أَن الْفضل يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ لَا ثَالِث لَهما فضل اخْتِصَاص من الله عز وَجل بِلَا عمل وَفضل مجازاة من الله تَعَالَى بِعَمَل فَأَما فضل الِاخْتِصَاص دون عمل فَإِنَّهُ يشْتَرك فِيهِ جَمِيع المخلوقين من الْحَيَوَان النَّاطِق وَالْحَيَوَان غير النَّاطِق والجمادات كفضل الْمَلَائِكَة فِي ابْتِدَاء خلقهمْ على سَائِر الْخلق وكفضل الْأَنْبِيَاء على سَائِر الْجِنّ والأنس وكفضل إِبْرَاهِيم ابْن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على سَائِر الْأَطْفَال وكفضل نَاقَة صَالح عَلَيْهِ السَّلَام على سَائِر النوق وكفضل ذَبِيحَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام على سَائِر الذَّبَائِح وكفضل مَكَّة على سَائِر الْبِلَاد وكفضل الْمَدِينَة بعد مَكَّة على غَيرهَا من الْبِلَاد وكفضل الْمَسَاجِد على سَائِر الْبِقَاع وكفضل الْحجر الْأسود على سَائِر الْحِجَارَة وكفضل شهر رَمَضَان على سَائِر الشُّهُور وكفضل يَوْم الْجُمُعَة عَرَفَة وعاشوراء وَالْعشر على سَائِر الْأَيَّام وكفضل لَيْلَة الْقدر على سَائِر اللَّيَالِي وكفضل صَلَاة الْفَرْض على النَّافِلَة وكفضل صَلَاة الْعَصْر وَصَلَاة الصُّبْح على سَائِر الصَّلَوَات وكفضل السُّجُود على الْقعُود وكفضل بعض الذّكر على بعض فَهَذَا فضل الِاخْتِصَاص الْمُجَرّد بِلَا عمل فَأَما فضل المجازاة بِالْعَمَلِ فَلَا يكون الْبَتَّةَ إِلَّا للحي النَّاطِق من الْمَلَائِكَة والأنس وَالْجِنّ فَقَط وَهَذَا هُوَ الْقسم الَّذِي تنَازع فِيهِ فِي هَذَا الْبَاب الَّذِي نتكلم فِيهِ الْآن من أَحَق بِهِ فَوَجَبَ أَن نَنْظُر أَيْضا فِي أَقسَام هَذَا الْقسم الَّتِي بهَا يسْتَحق الْفضل فِيهِ والتقدم فنحصرها ونذكرها بحول الله وقوته ثمَّ نَنْظُر حينئذٍ من هُوَ أَحَق بِهِ وأسعد بالبسوق فِيهِ فَيكون بِلَا شكّ أفضل مِمَّن هُوَ أقل حظاً فِيهَا بِلَا شكّ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق فَنَقُول وَبِاللَّهِ تَعَالَى نستعين إِن الْعَامِل فِي عمله بسبعة أوجه لَا ثامن لَهَا وَهِي المائية وَهِي عين الْعَمَل وذاته والكمية وَهِي الْعرض فِي الْعَمَل والكيفية والكم وَالزَّمَان وَالْمَكَان وَالْإِضَافَة فَأَما المائية فَهِيَ أَن تكون الْفُرُوض من أَعمال أَحدهمَا موفاة كلهَا وَيكون الآخر يضيع بعض فروضه وَله نوافل أَو يكون كِلَاهُمَا وَفِي جَمِيع فَرْضه ويعملان نوافل زَائِدَة إِلَّا أَن نوافل أَحدهمَا أفضل من نوافل

<<  <  ج: ص:  >  >>