للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويتلخص من هَذَا أَن الله تَعَالَى أرشدنا فِي هَذِه الْآيَة إِلَى نوع من التَّأْوِيل وَهُوَ مَا يكون بِهِ رد المتشابهات إِلَى المحكمات ثمَّ نَهَانَا عَن نوع آخر مِنْهُ وَهُوَ مَا كَانَ ناشئا عَن الْهوى والشهوة لَا على الْبُرْهَان وَالْحجّة قصدا إِلَى الضَّلَالَة والفتنة وهما لونان مُخْتَلِفَانِ وضربان بعيدان بَينهمَا برزخ لَا يبغيان وَإِذن فَمن لم يصرف لفظ الْمُتَشَابه عَن ظَاهره الموهم للتشبيه أَو الْمحَال فقد ضل كالظاهرية يُرِيد المجسمة والمشبهة وَمن فسر لفظ الْمُتَشَابه تَفْسِيرا بَعيدا عَن الْحجَّة والبرهان قَائِما على الزيغ والبهتان فقد ضل أَيْضا كالباطنية والإسماعيلية وكل هَؤُلَاءِ يُقَال فيهم إِنَّهُم متبعون للمتشابه ابْتِغَاء الْفِتْنَة أما من يؤول الْمُتَشَابه أَي يصرفهُ عَن ظَاهره بِالْحجَّةِ القاطعة لَا طلبا للفتنة وَلَكِن منعا لَهَا وتثبيتا للنَّاس على الْمَعْرُوف من دينهم وردا لَهُم إِلَى محكمات الْكتاب الْقَائِمَة وأعلامه الْوَاضِحَة فَأُولَئِك هم الهادون المهديون حَقًا وعَلى ذَلِك درج سلف الْأمة وَخَلفهَا وأثمتها وعلماؤها

روى البُخَارِيّ عَن سعيد بن جُبَير أَن رجلا قَالَ لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِنِّي أجد فِي الْقُرْآن أَشْيَاء تخْتَلف عَليّ قَالَ مَا هُوَ قَالَ {فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون} وَقَالَ {وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون} وَقَالَ {وَلَا يكتمون الله حَدِيثا} وَقَالَ وَقَالُوا وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين قَالَ ابْن عَبَّاس {فَلَا أَنْسَاب بَينهم} فِي النفخة الأولى وَلَا يتساءلون ثمَّ فِي النفخة الثَّانِيَة {وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون} فَأَما قَوْله تَعَالَى {وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين} فَإِن الله تَعَالَى يغْفر لأهل الْإِخْلَاص ذنوبهم فَيَقُول الْمُشْركُونَ تَعَالَوْا نقُول مَا كُنَّا مُشْرِكين فيختم الله على أفوههم فَتَنْطِق جوارحي بأعمالهم فَعِنْدَ ذَلِك لَا يكتمون الله حَدِيثا الخ الحَدِيث

وَإِنِّي أنصح القارىء الْكَرِيم بِهَذِهِ الْمُنَاسبَة بِقِرَاءَة الْفِقْه الْأَكْبَر وَشَرحه لأبي الْمُنْتَهى ولعلي القاريء والأسماء وَالصِّفَات للبيهقي وأصول الَّذين لعبد القاهر الْبَغْدَادِيّ والتبصير فِي الدّين للإسفراييني والعقيدة النظامية لإِمَام الْحَرَمَيْنِ والعواصم من القواصم لأبي بكر بن الْعَرَبِيّ والعقيدة الإسلامية للشَّيْخ عبد الرَّحْمَن حبنكة وكبرى اليقينيات

<<  <   >  >>