للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنَّمَا فعل ذَلِك فرقا من السَّيْف فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هلا شققت عَن قلبه منبها بِهِ على أَن البواطن لَا تطلع عَلَيْهَا الْخَلَائق وَإِنَّمَا منَاط التَّكْلِيف الْأُمُور الظَّاهِرَة وَيدل عَلَيْهِ ايضا أَن هَذَا صنف من اصناف الْكفَّار وَسَائِر أَصْنَاف الْكفَّار لَا يسد عَلَيْهِم طَرِيق التَّوْبَة وَالرُّجُوع إِلَى الْحق فَكَذَلِك هَاهُنَا

وَذهب ذاهبون إِلَى انه لَا تقبل تَوْبَته وَزَعَمُوا أَن هَذَا الْبَاب لَو فتح لم يُمكن حسم مادتهم وقمع غائلتهم فَإِن من سر عقيدتهم التدين بالتقية والاستسرار بالْكفْر عِنْد استشعار الْخَوْف فَلَو سلكنا هَذَا المسلك لم يعْجزُوا عَن النُّطْق بِكَلِمَة الْحق واظهار التَّوْبَة عِنْد الظفر بهم فيلهجون بذلك مظهرين ويستهزئون بِأَهْل الْحق مضمرين وَأما الْخَبَر فانما ورد فِي اصناف من الْكفَّار دينهم انه لايجوز التَّصْرِيح بِمَا يُخَالِفهُ وَأَن من الْتِزَام الْإِسْلَام ظَاهرا صَار تَارِكًا للتهود والتنصر هَذَا معتقدهم وَلذَلِك تراهم يقطعون اربا اربا بِالسُّيُوفِ وهم مصرون على كفرهم وَلَا يسمحون فِي مُوَافقَة الْمُسلمين بِكَلِمَة فاما من كَانَ دينه أَن النُّطْق بِكَلِمَة الْإِسْلَام غير ترك لدينِهِ بل دينه أَن ذَلِك عين دينه فَكيف نعتقد بتوبته مِمَّا هُوَ عين دينه وَالتَّصْرِيح بِهِ وَفَاء لشرط دينه كَيفَ يكون تركا للدّين

هَذَا مَا ذكر من الْخلاف فِي قبُول تَوْبَتهمْ وَقد استقصينا ذَلِك فِي كتاب شِفَاء العليل فِي اصول الْفِقْه وَنحن الْآن نقتصر على ذكر مَا نختاره فِي هَذِه الْفرْقَة الَّتِي فيهم الْكَلَام فَنَقُول للنائب من هَذِه الضَّلَالَة أَحْوَال الْحَالة الاولى أَن يتسارع إِلَى اظهار التَّوْبَة وَاحِد مِنْهُم من غير قتال وَلَا ارهاق واضطرار وَلَكِن على سَبِيل الايثار

<<  <   >  >>