للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ربّ الْعَالمين، هذاَيبعثُه اللهُ رَحمةً للْعَالمين. فَقَالُوا لَهُ: من أينَ علمتَ هَذَا؟ قَالَ: إِنَّكُم حِين أقبلتم من العَقَبة لم يبقَ حَجَرٌ وَلَا شجرٌ إلاّ خَرَّ سَاجِدا، وَلَا يسْجد إِلَّا لنبيٍّ، وَإِنَّا نجده فِي كُتبنا. وَقَالَ لأبي طَالب: لَئِن قدمتَ بِهِ الشَّام لَتقتلنَّه اليهودُ. وَسَأَلَهُ أَنْ يردَّه خوفًا من الْيَهُود فردّه.

ثمَّ خرج [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مرّة ثَانِيَة إِلَى الشَّام مَعَ مَيْسَرة غُلَام خَدِيجة رَضِي الله عَنْهَا فِي تِجَارَة لَهَا قبل أنْ يتزوّجها، فَلَمَّا قدمَ الشامَ نزل تَحت ظلِّ شجرةٍ قَرِيبا من صَوْمعة لنَسْطُور الرَّاهب، فَقَالَ: مَا نزلَ تَحت هَذِه الشجرةِ قطُّ إِلَّا نبيٌّ. ثمَّ قَالَ لمَيْسَرة: أَفِي عَينيه حُمرَةٌ؟ قَالَ: نعم لَا تُفارقه. قَالَ: هُوَ نبيٌّ، وَهُوَ آخرِ الْأَنْبِيَاء / ٦ و.

ثمَّ بَاعَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] سِلْعتَه، فَوَقع بَينه وَبَين رجل تَلاحٍ، فَقَالَ: احلِفْ بِاللات والعُزَّى. فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : مَا حلفتُ بهما قطُّ، إِنِّي لأمرُّ فأُعْرِض عَنْهُمَا. فَقَالَ الرجل: القولُ قولُك: ثمَّ قَالَ لِمَيْسَرةَ: هَذَا - واللهِ - نَبيٌّ تَجدُه أحبارُنا مَنعوتاً فِي كتبهمْ. وَكَانَ مَيْسَرةَ إِذا كَانَت الهاجرة واشتدَّ الحَرُّ يَرى مَلَكين يُظلِّلان رسولَ الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] من الشَّمْس، فوعى ذَلِك كلَّه مَيْسَرةَ. وَكَانَ قد ألْقى الله عَلَيْهِ المحبَّة من مَيْسَرة، وَكَانَ كأنّه عبدٌ لَهُ. وَبَاعُوا تِجَارَتهمْ وربحوا ضعفَ مَا كَانُوا يربحون، فلمّا رجعُوا وَدخل رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مَكَّة رَأَتْهُ خديجةُ وَهُوَ على بعيره، ومَلَكان يُظلاَّنه، فأَرتْه نِساءها فعجبنَ لذَلِك، وَدخل عَلَيْهَا رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَأَخْبرهَا بِمَا ربحوا فِي وجههم ذَلِك، فسُرَّت بِهِ، فَلَمَّا دخل مَيْسَرةُ عَلَيْهَا أخْبرته بِمَا رأتْ. فَقَالَ مَيْسَرةُ: قد رَأَيْت هَذَا منذُ خروجنا من الشَّام. وأخبرها بِمَا قَالَ نَسطور الراهبُ، وَبِمَا قَالَ الآخرُ.

<<  <   >  >>