للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَخرجت قُرَيْش فِي آثَارهم، فَلم يُدركوا مِنْهُم أَحداً. وَأَقَامُوا بالحَبَشة فِي أحسن جِوَارٍ، فبلَغهم أنّ أهل مَكَّة / ٨ ظ. أَسْلمُوا فَرَجَعُوا إِلَى مَكَّة، حَتَّى إِذا كَانُوا دون مَكَّة بساعةٍ لَقوا رَكْباً من كِنانة، فَسَأَلُوهُمْ عَن قريشٍ، وَعَن حَالهم، فَذكرُوا مَا هُم عَلَيْهِ مِن الشرِّ، فائتمر الْقَوْم فِي الرُّجُوع إِلَى أَرض الْحَبَشَة [ثمَّ] قَالُوا: قد بَلغْنا مكةَ، ندخلُ فَنَنْظُر مَا فِيهِ قريشٌ، ويُحدث عهدا مَنْ أرادَ بأَهْله، ثمَّ يَرجع. فَدَخَلُوا مكةَ، وَلم يدْخل أحدٌ مِنْهُم إِلَّا بجوَارٍ أَو مُستخفيا، إِلَّا ابْن مَسْعُود فَإِنَّهُ مكث يَسِيرا ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَرض الْحَبَشَة، وَلم يدْخل مَكَّة. وَكَانَ قدومهم مَكَّة فِي شوّال سنة خمسٍ من النبوّة، فَلَقوا من قُرَيْش تَعنيفاً شَدِيدا، ونالوهم بالأذى الشَّديد، وسَطَت بهم عَشَائِرهمْ، فأذِن لَهُم رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي الْخُرُوج إِلَى أَرض الْحَبَشَة مرَّةً ثَانِيَة. فَقَالَ عُثْمَان: يَا رسولَ اللهِ، فهجرتُنا الأولى وَهَذِه إِلَى النجاشيّ، ولستَ مَعنا. فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " أَنْتُم مهاجرون إِلَى الله وإليّ. لكم هَاتَانِ الهجرتان جَمِيعًا " فَقَالَ عُثْمَان: فحسبُنا يَا رَسُول الله. وَهَاجرُوا إِلَى الْحَبَشَة وَكَانَ عِدَّةُ مَنْ هاجرَ من الرِّجَال ثَلَاثَة وَثَمَانِينَ - إنْ كَانَ فيهم عمّار فَإِنَّهُ يُشكُّ فِيهِ - قَالَ ابْن إِسْحَاق: وَمن النِّسَاء إِحْدَى عشرَة قرشيّة وسبعُ غرائب. وَأَقَامُوا بِأَرْض الْحَبَشَة عِنْد النجاشيّ على أحسن حالٍ.

<<  <   >  >>