للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي جَوف اللَّيْل منثنية أصلابهم بمثاني الْقُرْآن إِذا مر أحدهم بِآيَة فِيهَا ذكر الْجنَّة بَكَى شوقا إِلَيْهَا وَإِذا مر بِآيَة فِيهَا ذكر النَّار شهق شهقة كَأَن زفير جَهَنَّم فِي أُذُنَيْهِ قد وصلوا كلالهم بكلالهم كلال ليلهم بكلال نهارهم قد أكلت الأَرْض جباههم وأيديهم وركبهم مصفرة ألوانهم ناحلة أجسامهم من طول الْقيام وَكَثْرَة الصّيام مستقلين لذَلِك فِي جنب اللَّه موفون بِعَهْد اللَّه منجزون لوعد اللَّه إِذا رَأَوْا سِهَام الْعَدو فوقت ورماحهم قد أشرعت وَسُيُوفهمْ قد انتضيت وأبرقت الكتيبة وأرعدت بصواعق الْمَوْت استهانوا بوعيد الكتيبة لوعيد اللَّه مضى الشَّاب مِنْهُم قدما حَتَّى تخْتَلف رِجْلَاهُ عَن عَنق فرسه قد رملت محَاسِن وَجهه بالدماء وعفر جَبينه فِي الثرى وأسرعت إِلَيْهِ سِبَاع الأَرْض فكم من عين فِي منقار طَائِر طَال مَا بَكَى صَاحبهَا من خشيَة اللَّه وَكم من كف قد بَانَتْ بمعصمها طالما اعْتمد عَلَيْهَا صَاحبهَا فِي سُجُوده فِي جَوف اللَّيْل لله وَكم من خد رَقِيق وجبين عَتيق قد فلق بعمد الْحَدِيد رَحْمَة اللَّه عَلَى تِلْكَ الْأَبدَان وَأدْخل أرواحها الْجنان ثمَّ قَالَ النَّاس منا وَنحن مِنْهُم إِلَّا عَابِد وثن أَو كفرة أهل الْكتاب أَو سُلْطَانا جائرا أَو شادا عَلَى عضده

وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق عَن الزنْجِي بْن خَالِد قَالَ خَطَبنَا أَبُو حَمْزَة بِمَكَّة خطْبَة شكك المستبصر وَزَاد المرتاب حمد اللَّه وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس سألناكم عَن ولاتكم هَؤُلَاءِ فقلتم فيهم وَالله الَّذِي نَعْرِف قُلْتُمْ أخذُوا المَال من غير حلّه فوضعوه فِي غير حَقه وجاروا فِي الحكم واستأثروا بحقوقنا وفيئنا فجعلوه دولة بَين أغنيائهم وَذَوي شرف الدُّنْيَا مِنْهُم وَجعلُوا مقاسمنا وحقوقنا فِي مُهُور النِّسَاء وفروج الْإِمَاء فَقُلْنَا لكم تَعَالَوْا إِلَى هَؤُلَاءِ الَّذين ظلمونا وظلموكم وجاروا فِي الحكم فحكموا بِغَيْر مَا أنزل اللَّه فقلتم لَا نقوى عَلَى ذَلِكَ وَدِدْنَا أَنا أصبْنَا من يكفينا فَقُلْنَا نَحن نكفيكم ثمَّ اللَّه رَاع علينا إِن ظفرنا لنعطين كل ذِي حق حَقه فَجِئْنَا فاتقينا

<<  <   >  >>