للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام ودهش النَّاس لما وَقع من أَمر النُّبُوَّة وَالْوَحي وتنزل الْمَلَائِكَة وَمَا وَقع من خوارق الْأُمُور نسي النَّاس أَمر العصبية مسلمهم وكافِرهم أما الْمُسلمُونَ فنهاهم الْإِسْلَام عَن أُمُور الْجَاهِلِيَّة كَمَا فِي الحَدِيث الشريف

إِن الله أذهب عَنْكُم حمية الْجَاهِلِيَّة وَفَخْرهَا لأَنا وَأَنْتُم بَنو آدم مآدم من تُرَاب وَأما الْمُشْركُونَ فشغلهم ذَلِك الْأَمر الْعَظِيم عَم أَمر العصائب وذهلوا عَنهُ حينا من الدَّهْر وَلذَلِك افترق أَمر بني أُميَّة وَبني هَاشم بِالْإِسْلَامِ إِنَّمَا كَانَ ذَلِك الِافْتِرَاق بحصار بني هَاشم فِي الشّعب لَا غير وَلم يَقع كَبِير فتْنَة لأجل نِسْيَان العصبيات والذهول عَنْهَا بِالْإِسْلَامِ حَتَّى كَانَت الْهِجْرَة وَشرع الْجِهَاد وَلم تبْق إِلَّا العصبية الطبيعية الَّتِي لَا تفارق وَهِي نفرة الرجل على أَخِيه وجاره فِي الْقَتْل والعدوان عَلَيْهِ فَهَذِهِ لَا يذهبها شَيْء وَلَا هِيَ محظورة بل هِيَ مَطْلُوبَة ونافعة فِي الْجِهَاد وَالدُّعَاء إِلَى الدّين كَذَا فِي تَارِيخ ابْن خلدون قلت قَوْله وَلم تبْق إِلَّا العصبية الطبيعية إِلَى آخِره صَحِيح لَا شكّ فِيهِ مصداقه قَول صَفْوَان بن أُميَّة عِنْدَمَا انْكَشَفَ الْمُسلمُونَ يَوْم حنين إِذْ قَالَ وَهُوَ إِذْ ذَاك مُشْرك فِي الْمدَّة الَّتِي جعلهَا رَسُول الله

لَهُ مهلة ليسلم بعْدهَا حِين استمهله تِلْكَ فِي الْإِسْلَام وَفِي حفطي أَنه طلب مُدَّة شهر فَأعْطَاهُ رَسُول الله

مهلة شَهْرَيْن فَخرج مَعَه

إِلَى حنين لِأَخِيهِ لما سَمعه يَقُول أَلا بَطل السحر لَا يرد اربها إِلَّا الْبَحْر بِفِيكَ الكثكث لِأَن يربنِي رجل من قُرَيْش خير لي من أَن يربنِي رجل من هوزان رئيسهم مَالك بن عَوْف فَلَا باعث لَهُ على قَوْله ذَاك إِلَّا العصبية الطبيعية لِقَوْمِهِ قُرَيْش على هوزان ثمَّ إِن شرف بني عبد منَاف لم يزل فِي بني أُميَّة وَبني هَاشم فَلَمَّا هلك أَبُو طَالب وَهَاجَر بنوه مَعَ رَسُول الله

وَحَمْزَة كَذَلِك ثمَّ بعده الْعَبَّاس وَالْكثير من بني عبد الْمطلب وَسَائِر بني هَاشم خلا الجو حِينَئِذٍ من مَكَان بني هَاشم بِمَكَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>