للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اعْلَم أَن البرامكة يُقَال أصلهم من جيل من الْعَجم كَانُوا مجوسَاً وأولهم فِي التَّقَرُّب إِلَى الْخُلَفَاء خَالِد بن برمك وَكَانَ من كبار الشيعةَ وَله قدم راسخ فِي الدولة وَكَانَ يَلِي الولايات الْعِظَام ولاه الْمَنْصُور على الْموصل وأذربيجان وَولى ابْنه يحيى على أرمينية ووكله الْمهْدي بكفالة الرشيد فَأحْسن تَرْبِيَته وَدفع عَنهُ أَخَاهُ لما أَرَادَهُ على الْخلْع وتولية ابْنه الْعَهْد وحبسه الْهَادِي لذَلِك فَلَمَّا ولي الرشيد استوزر يحيى وفوض لَهُ أُمُور ملكه وَكَانَ أَولا يصدر عَن رَأْي الخيرزان أم الرشيد ثمَّ استبد بِالرَّأْيِ فِي الدولة وَكَانَ بَيتهمْ معمورا بِالرِّجَالِ من العمومية والقرابة وَكَانَ بنوه جَعْفَر وَالْفضل وَمُحَمّد قد ساهموا أباهم فِي حمل الدولة واستولوا على حظّ من تقريب السُّلْطَان واستخلاصه وَكَانَ الْفضل أَخا للرشيد من الرَّضَاع أرضعت أمه الرشيد وأرضعته الخيرزان وَكَانَ يُخَاطب يحيى يَا أَبَت واستوزر الْفضل وجعفرَاً وَولي جَعْفَر على مصر وخراسان وَبعث الْفضل لاستنزال يحيى بن عبد الله الْعلوِي من الديلم وَدفع وَلَده الْمَأْمُون لما ولاه الْعَهْد إِلَى كَفَالَة جَعْفَر بن يحيى فحسنت آثَارهم فِي ذَلِك كُله ثمَّ عظم سلطانهم واستيلاؤهم على الدولةَ وَكَثُرت السّعَايَة فيهم وَعظم حقد الرشيد على جَعْفَر مِنْهُم فَلَمَّا كثرت فيهم السّعَايَة بِسَبَب استيلائهم على الْخَلِيفَة فَمن دونه تحيل أعداؤهم من البطانة فِيمَا دسوه للمغنين من الشّعْر احتيالا على إسماعه للخليفة ولتحريك حفائظه عَلَيْهِم وَمن ذَلِك بيتان هما من // (الرمل) //

(لَيْتَ هِنْدًا أنجزتْنَا مَا تعِدْ ... وشَفَتْ أَنْفُسَنَا ممَّا نَجِدْ)

(واستَبَدَّتْ مَرَّةً وَاحِدَة ... إِنَّمَا العَاجِزُ مَنْ لَا يَسْتَبِدّ)

فَلَمَّا سَمعهَا الرشيد قَالَ إِي وَالله عَاجز فبعثوا بذلك كامن غيرته وسلَطوا عَلَيْهِ انتقامه نَعُوذ بِاللَّه من غَلَبَة الرِّجَال وَسُوء الْحَال ذكر هَذَا ابْن عبد ربه الْقُرْطُبِيّ فِي العقد فتنكر لَهُم الرشيد وَدخل عَلَيْهِ يَوْمًا يحيى بن خَالِد بِغَيْر إِذن فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهِ وخاطب طبيبه جِبْرِيل بن بختيشوع منصرفاً بِهِ عَن مواجهته وَكَانَ حَاضرا فَقَالَ يحيى أما هِيَ عادتي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِذ قد نكرت مني فسأكون فِي الطَّبَقَة الَّتِي تجعلني فِيهَا فاستحيى هَارُون وَقَالَ مَا أردْت مَا تكره

<<  <  ج: ص:  >  >>