للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَخرج إِلَى مصر كَذَا قَالَه الذَّهَبِيّ قلت الْعَبَّاس رَضِي تَعَالَى عَنهُ لم يحضر السَّقِيفَة فالرد مَرْدُود على أَن قَول الشَّاعِر حَاضر لَا يلْزم مِنْهُ حُضُوره عِنْد السَّقِيفَة حَتَّى يرد مَا قَالَه هَذَا الْقَائِل بل مُرَاده حُضُوره أَي وجوده فِي ذَلِك الزَّمن يَعْنِي زمن اجْتِمَاعهم فِي السَّقِيفَة لَا حُضُور نفس الِاجْتِمَاع فِيهَا وَكَانَت مدارس بَغْدَاد يضْرب بهَا الْمثل فِي ارْتِفَاع الْعِمَاد وإتقان المهاد وَطيب المَاء ولطف الْهَوَاء ورفاهية الطلاب وسعة الطَّعَام وَالشرَاب وَأول مدرسة بنيت فِي الدُّنْيَا مدرسة نظام الْملك فَلَمَّا سمع عُلَمَاء مَا وَرَاء النَّهر هَذَا الْخَبَر اتَّخذُوا ذَلِك الْعَام مأتماً وحزنوا على سُقُوط حُرْمَة الْعلم فَقَالُوا حِين سئلوا عَن ذَلِك إِن للْعلم ملكة شريفة لَا تطلبها إِلَّا النُّفُوس الشَّرِيفَة بجاذب الشّرف الذاتي فَلَمَّا جعلت عَلَيْهِ الأجور تطلبته النُّفُوس الرذلة لتجعله مكسباً وسلمَا لحطام الدُّنْيَا لَا لتَحْصِيل شرف الْعلم بل لتَحْصِيل المناصب الدُّنْيَوِيَّة الأسفلية الفانية فيرذل الْعلم لرذالتهم وَلَا يشرفون بشرفه أَلا ترى إِلَى علم الطِّبّ فَإِنَّهُ مَعَ كَونه شريفاً لما تعاطاه الْيَهُود وَالنَّصَارَى رذل برذالتهم وَلم يشرفوا بشرفه وَهَذَا حَال طلبة الْعلم فِي هَذَا الزَّمَان الْفَاسِد كَذَا فِي الْأَعْلَام قلت قد كَانَ هَذَا قبل وَأما الْيَوْم فَلَا طلب وَلَا مَطْلُوب وَلَا رَغْبَة وَلَا مَرْغُوب نسْأَل الله اللطف وَحسن الخاتمة وَمن جملَة خدام الْمُسْتَنْصر بِاللَّه الْأَمِير شرف الدّين وإقبال الشرابي المستنصري وَفِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَقع بِالْيمن مطر عَظِيم عَمه جميعَاً وَكَانَ فِيهِ برد عَظِيم قتل من الدَّوَابّ والوحوش شَيْئا كثيرا وَنزلت فِيهِ بردة كالجبل الصَّغِير لَهَا شناخيب يزِيد كل وَاحِد مِنْهَا على ثَلَاثَة أَذْرع وَقعت فِي مفازة من بِلَاد سنحان وزراحة وَذَلِكَ بمرحلتين بمسير الْجمال عَن صنعاء فَغَاب فِي الأَرْض أَكْثَرهَا وَكَانَت يَدُور حولهَا عشرُون رجلا فَلَا يرى بَعضهم يعضا وبشاذروان الْكَعْبَة الشَّرِيفَة فِي وسط مصلى جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهِي الحفيرة الْمُسَمَّاة الآَن بالمعجنة حجر من الرخام الْأَزْرَق ومنقور فِيهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَمر بعمارة هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>