للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على حر السيوف صَبَرُوا مضطرين على طعم الحتوف وأعطوا الدَّار حَقّهَا واستقبلوا غمام السِّهَام وبلها وودقها واستمروا كَذَلِك من إقبال الْفجْر إِلَى إدبار النَّهَار فعجزوا عَن الاصطبار وانكسروا أَشد انكسار وولوا الأدبار وغرق كثير مِنْهُم فِي دجلة وَقتل أَكْثَرهم شَرّ قتلة وَوضعت التتار فيهم السَّيْف وَالنَّار فَقتلُوا فِي ثَلَاثَة أَيَّام مَا ينوف على ثَلَاثمِائَة ألف وَسبعين ألفا وَسبوا النِّسَاء والأطفال ونهبوا الخزائن وَالْأَمْوَال وَأخذ هولاكو جَمِيع النُّقُود وَأمر بحرق الْبَاقِي وَرمى كتب مدارس بَغْدَاد فِي دجلة وَكَانَت لكثرتها جِسْرًا يَمرونَ عَلَيْهَا ركبانَاً وَمُشَاة وَتغَير لون المَاء بحبرها إِلَى السوَاد فَأَشَارَ الْوَزير على الْخَلِيفَة بمصانعتهم وَقَالَ أَنا فِي تَقْرِير الصُّلْح فَخرج ووثق لنَفسِهِ بَينهم وَرجع إِلَى الْخَلِيفَة وَقَالَ إِن الْملك هولاكو قد رغب فِي أَن يُزَوّج ابْنَته بابنك الْأَمِير أبي بكر ويبقيك فِي منصب الْخلَافَة كَمَا أبقى صَاحب الرّوم فِي سلطنته وَلَا يُؤثر أَن تكون الطَّاعَة لَهُ كَمَا كَانَ أجدادك مَعَ سلاطين الديلم والسلجوقية وينصرف عَنْك بجُنُوده فيجيب مَوْلَانَا إِلَى هَذَا فَإِن فِيهِ حَقنا لدماء من بَقِي من الْمُسلمين وَيُمكن بعد ذَلِك أَن تفعل مَا تُرِيدُ فَالرَّأْي أَن تخرج إِلَيْهِم فَخرج الْخَلِيفَة فِي أَعْيَان دولته فَأنْزل فِي خيمة ثمَّ دخل الْوَزير فاستدعى الْفُقَهَاء والأماثل ليحضروا العقد فَخَروا من بَغْدَاد فَضربت أَعْنَاقهم وَكَذَلِكَ تخرج طَائِفَة بعد طَائِفَة فَتضْرب أَعْنَاقهم حَتَّى قتل جَمِيع من فِيهَا من الْعلمَاء والأمراء والحجاب وَالْكتاب واستبقى هولاكو المستعصم أَيَّامًا إِلَى أَن استصفي أَمْوَاله وخزائنه وذخائره ثمَّ رمى رِقَاب أَوْلَاده وَذَوِيهِ وَأَتْبَاعه وَأمر أَن يوضع الْخَلِيفَة فِي غرارة ويرفس بالأرجل حَتَّى يَمُوت فَفعل بِهِ ذَلِك وَفِي رِوَايَة أَن خُرُوج الْخَلِيفَة المستعصم إِلَيْهِ كَانَ قبل وُقُوع شَيْء من الْقِتَال ثمَّ لما خرج وَفعل بِهِ وَمن مَعَه مَا فعل بذل السَّيْف فِي بَغْدَاد وَاسْتمرّ السَّيْف نَحْو أَرْبَعِينَ يَوْمًا فبلغت الْقَتْلَى أَكثر من ألف ألف نسمَة وَلم يسلم إِلَّا من اختفى فِي بِئْر أَو قناة وَاسْتشْهدَ الْخَلِيفَة رَحمَه الله يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر صفر من سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة وانقطعت بِمَوْتِهِ خلَافَة بني الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب من الْعرَاق

<<  <  ج: ص:  >  >>