للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غيبته عَن تخت مصر نَحْو ثَلَاثَة أشهر وَذَلِكَ لإتقانه أَمر الْملك وتدبيره وَضَبطه وَلَقَد كَانَ وَاسِطَة عقد الشراكسة وأقربهم إِلَى قُلُوب الرّعية وأجملهم حَالا وَأَحْسَنهمْ إحسانا وأفضلهم عقل وأكملهم نبْلًا وَأَكْثَرهم فِي جِهَات الْخَيْر إيثاراً وآثاراً وأكبرهم عمائر وأوقافاً وأدواراً وأطولهم طولا وزماناً وأمكنهم ملكا وَقُوَّة وإمكاناً وَكَانَت أَيَّامه كالطراز الْمَذْهَب ودولته تنجلي كالعروس فِي حلل الْجَوْهَر وَالذَّهَب حَتَّى قدم عَلَيْهِ بريد الْأَجَل وَمَا أغْنى مَا جمعه من الْخَيل والخول وَكَانَت انْتِقَاله إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى يَوْم الْأَحَد لثلاث بَقينَ من ذِي الْقعدَة سنة ٩٠١ إِحْدَى وَتِسْعمِائَة وَكَانَت مُدَّة تصرفه ثَلَاثِينَ سنة إِلَّا ثَلَاثَة أشهر

(ثمَّ تولى الْملك النَّاصِر أَبُو السعادات مُحَمَّد بن السُّلْطَان قايتباي)

وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الْجُنُون والسفه وَمَا كَانَ لَهُ الْتِفَات إِلَى الْملك وَلَا تَدْبِير السلطنة بل غلب عَلَيْهِ اللَّهْو واللعب والحركات المستبشعة يحْكى عَنهُ أُمُور قبيحة مِنْهَا أَنه كَانَ إِذا سمع بِامْرَأَة حسناء هجم عَلَيْهَا وَقطع دائر فرجهَا ونظمه فِي خيط أعده لنظم فروج النِّسَاء وَمِنْهَا أَن والدته كَانَت من عقلاء النِّسَاء وأجملهن هيأت لَهُ جَارِيَة جميلَة وجمعتها بِهِ فِي بَيت مزين أعدته لَهما فَدخل بهَا وقفل الْبَاب على نَفسه وَعَلَيْهَا وربطها وَشرع يسلخ جلدهَا عَنْهَا كالجلاد وَهِي بِالْحَيَاةِ وَهِي تصرخ فَلَمَّا سمعُوا صراخها أَرَادوا الهجوم عَلَيْهِ فَمَا أمكنهم لِأَنَّهُ قفل الْبَاب من دَاخل وَاسْتمرّ كَذَلِك إِلَى أَن سلخها وحشا جلدهَا بالأثواب السندسية وَخرج يظْهر للنَّاس أستاذيته فِي السلخ وَأَن الجلادين يعجزون عَن كَمَاله فِي صَنعته قُبحَ هُوَ وَضعته وَمِنْهَا أَنه مر فِي موكبه بدكان حلواني وَدَار حوله أمراؤه فأقامه من دكانه وَجلسَ كَأَنَّهُ بِبيع الْحَلَاوَة وَأخذ بِيَدِهِ الْمِيزَان فَصَارَ يزن لَهُم حَتَّى جبرت الْحَلَاوَة وَكَانَ يقلي الْجُبْن المقلي بِنَفسِهِ يَبِيعهُ للجند وَيَأْمُرهُمْ بِشِرَائِهِ مِنْهُ وَيَأْخُذ أكياس الذَّهَب إِلَى طرف النّيل فَيَرْمِي دِينَارا فَيَقُول هَذَا قَالَ بق وَيَرْمِي الآخر فَيَقُول

<<  <  ج: ص:  >  >>