للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ فتحت قيسارية وصبصطية وَبهَا قبر يحيى بن زَكَرِيَّاء عَلَيْهِ السَّلَام، ونابلس ولد ويافا وَتلك الْبِلَاد وَطَالَ حِصَار بَيت الْمُقَدّس واعتاص عَلَيْهِم.

قلت: وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد قَالَ لعمر رَضِي اللَّهِ عَنهُ: " إِنَّك ستفتح بَيت الْمُقَدّس بِلَا قتال " فَسَار عمر إِلَى الشَّام وَفتحهَا بِلَا سيف كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد أَن اسْتخْلف عمر على الْمَدِينَة عليا رَضِي اللَّهِ عَنْهُمَا وَالله أعلم.

وفيهَا أَي سنة خمس عشرَة وضع عمر الدَّوَاوِين وَفرض الْعَطاء للْمُسلمين وَقيل سنة عشْرين فَقيل لَهُ ابدأ بِنَفْسِك فَامْتنعَ وَبَدَأَ بِالْعَبَّاسِ فرض لَهُ خَمْسَة وَعشْرين ألفا ثمَّ بَدَأَ بالأقرب فَالْأَقْرَب من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفرض لأهل بدر خَمْسَة آلَاف خَمْسَة آلَاف، وَفرض لمن بعدهمْ إِلَى الْحُدَيْبِيَة وبيعة الرضْوَان أَرْبَعَة أُلَّاف أَرْبَعَة آلَاف، ثمَّ لمن بعدهمْ ثَلَاثَة آلَاف ثَلَاثَة آلَاف، ثمَّ لأهل الْقَادِسِيَّة وَأهل الشَّام أَلفَيْنِ أَلفَيْنِ، وَلمن بعد الْقَادِسِيَّة واليرموك ألفا ألفا، ولروادفهم خَمْسمِائَة خَمْسمِائَة، ثمَّ ثلثمِائة ثلثمِائة، ثمَّ مِائَتَيْنِ وَخمسين مِائَتَيْنِ وَخمسين.

وفيهَا كَانَت وقْعَة " الْقَادِسِيَّة " تولى حَرْب الْأَعَاجِم فِيهَا سعد بن أبي وَقاص ومقدم الْعَجم رستم، ودام الْقِتَال الشَّديد أَيَّامًا الْيَوْم الأول " يَوْم أعواث " ثمَّ يَوْم " عماس " ثمَّ " لَيْلَة الهرير " تركُوا فِيهِ الْكَلَام وهر واهريرا حَتَّى أَصْبحُوا ثمَّ الظّهْر هبت ريح عاصف فَمَال الْغُبَار على الْكفَّار وانْتهى الْقَعْقَاع وَأَصْحَابه إِلَى سَرِير رستم وَقد قَامَ رستم عَنهُ واستظل ببغال عَلَيْهَا مَال وصلت من كسْرَى للنَّفَقَة فشدوا على رستم فهرب ولحقه هِلَال بن عَلْقَمَة فَأخذ بِرجلِهِ وَقَتله وَجَاء بِهِ وَطَرحه بَين أرجل البغال وَصعد السرير ونادى قتلت رستم وَرب الْكَعْبَة.

وتمت الْهَزِيمَة على الْعَجم وَقتل مِنْهُم مَا لَا يُحْصى ثمَّ نزل سعد غربي دجلة على نهر شير قبالة مَدَائِن كسْرَى وَلما شَاهد إيوَان كسْرَى كبروا وَقَالُوا هَذَا كسْرَى هَذَا مَا وعد اللَّهِ وَرَسُوله.

ثمَّ دخلت سنة سِتّ عشرَة: وَأقَام سعد على نهر شير إِلَى أَيَّام من صفر، ثمَّ عبروا دجلة، وهرب الْفرس من الْمَدَائِن نَحْو حلوان، وَكَانَ كسْرَى يزدجرد قد قدم عِيَاله إِلَى حلوان وَخرج هُوَ وَمن مَعَه بِمَا قدرُوا عَلَيْهِ فَدخل الْمُسلمُونَ الْمَدَائِن وَقتلُوا كل من وجدوه وَنزل سعد بِالْقصرِ الْأَبْيَض وَاتخذ إيوَان كسْرَى مصلى واحتاط على أَمْوَال تخرج عَن الإحصاء، وأدركوا بغلا وَقع فِي المَاء عَلَيْهِ تَاج كسْرَى ومنطقته وَدِرْعه وَغير ذَلِك مكللا بالجوهر، واستوهب سعد مَا يخص أَصْحَابه من بِسَاط كسْرَى وَكَانَ على هَيْئَة رَوْضَة صورت فِيهِ الزهور بالجواهر على قضبان الذَّهَب وَبعث بِهِ إِلَى عمر فَقَطعه عمر وَقِسْمَة بَين الْمُسلمين فَأصَاب عليا رَضِي اللَّهِ عَنهُ قِطْعَة مِنْهُ فَبَاعَهَا بِعشْرين ألف دِرْهَم، وَأقَام سعد بِالْمَدَائِنِ وَبعث جَيْشًا إِلَى جلولا وَكَانَ قد اجْتمع بهَا الْفرس.

فجرت وقْعَة " جلولا " وَقتل من الْفرس مَا لَا يُحْصى فَسَار كسْرَى يزدجرد عَن حلوان

<<  <  ج: ص:  >  >>