للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي الْحسن عَليّ بن الْحَاكِم بِأَمْر الله أبي عَليّ مَنْصُور بن الْعَزِيز بِاللَّه أبي مَنْصُور نزار بن الْمعز لدين الله أبي تَمِيم بن الْمَنْصُور بِاللَّه أبي الظَّاهِر إِسْمَاعِيل بن الْقَائِم بِأَمْر الله أبي الْقَاسِم مُحَمَّد بن الْمهْدي بِاللَّه أبي مُحَمَّد عبيد الله أول الْخُلَفَاء العلويين من هَذَا الْبَيْت.

وَسبب ذَلِك: أَن نور الدّين أرسل إِلَى صَلَاح الدّين يَأْمُرهُ حتما جزما بِقطع الْخطْبَة العلوية وَإِقَامَة الْخطْبَة العباسية فَرَاجعه خوف الْفِتْنَة، فأصر نور الدّين وَمرض العاضد فَأمر صَلَاح الدّين بِالْخطْبَةِ للمستضيء وَقطع خطْبَة العاضد فَلم ينتطح فِيهِ عنزان، فَاشْتَدَّ مرض العاضد وَلم يُعلمهُ بذلك أحد من أَهله فَتوفي فِي يَوْم عَاشُورَاء وَلم يعلم بِقطع خطبَته، فَجَلَسَ صَلَاح الدّين للعزاء وَاسْتولى على قصر الْخلَافَة وعَلى نفائسه وتحفه وَكتبه وَمَا لَا يُحْصى، فَمِنْهُ جبل باقوت وَزنه سَبْعَة عشر درهما، وَكَانَ بِالْقصرِ طبل للقولنج إِذا ضرب بِهِ الْإِنْسَان حبق فَكسر بِلَا علم، وَنقل أهل العاضد إِلَى مَوضِع من الْقصر ووكل بهم من يحفظهم وَتصرف فِي العبيد وَالْإِمَاء بيعا وعتقا وَهبة. وَكَانَ العاضد فِي الْمَرَض قد طلب صَلَاح الدّين فظنها خديعة فَلم يمض إِلَيْهِ، فَلَمَّا توفّي نَدم لتخلفه عَنهُ وَجَمِيع من خطب لَهُ بالخلافة مِنْهُم أَرْبَعَة عشر الْمهْدي والقائم والمنصور والمعز والعزيز وَالْحَاكِم وَالظَّاهِر والمستنصر والمستعلي والآمر والحافظ والظافر والفائز والعاضد، ومدتهم من ظُهُور الْمهْدي بسجلماسة فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ إِلَى أَن توفّي العاضد فِي هَذِه السّنة مِائَتَان وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سنة تَقْرِيبًا. وَلما وصل خبر الْخطْبَة العباسية بِمصْر إِلَى بَغْدَاد ضربت البشائر أَيَّامًا وسيرت الْخلْع مَعَ عماد الدّين صندل من خَواص الدولة المقتفوية إِلَى نور الدّين وَصَلَاح الدّين والخطباء، ووسيرت الْأَعْلَام السود.

وَكَانَ العاضد قد رأى فِي مَنَامه أَن عقرباً خرجت من مَسْجِد بِمصْر مَعْرُوف بالعاضد ولدغته فَاسْتَيْقَظَ واستدعى معبراً فَعبر لَهُ بأذى يصله من شخص بِالْمَسْجِدِ فَتقدم بإحضار من فِيهِ فأحضر شخص صوفي اسْمه نجم الدّين الخوبشاني فاستخبره العاضد عَن مُقَدّمَة وَسبب مقَامه بِالْمَسْجِدِ فَأخْبرهُ بِالصَّحِيحِ فِي ذَلِك، وَرَآهُ العاضد أَضْعَف من أَن يَنَالهُ بمكروه فوصله بِمَال وَقَالَ لَهُ: ادْع لنا يَا شيخ وَأمره بالإنصراف، فَلَمَّا أَرَادَ صَلَاح الدّين إِزَالَة الدولة العلوية وَالْقَبْض عَلَيْهِم كَانَ نجم الدّين الخوبشاني من جملَة من بَالغ بالإفتاء بمساويهم وسلب الْإِيمَان عَنْهُم فَصحت الرُّؤْيَا.

وفيهَا: جرى بَين نور الدّين وَصَلَاح الدّين الوحشة بَاطِنا فَإِن صَلَاح الدّين نَازل الشوبك وَهِي للفرنج، ثمَّ رَحل خوفًا أَن يَأْخُذهُ فَلم يبْق لنُور الدّين مَا يعوقه عَن مصر، وَبلغ ذَلِك نور الدّين فكتمه وَجمع صَلَاح الدّين بِمصْر أَقَاربه وأكابره، وَقَالَ: بَلغنِي أَن نور الدّين يقصدنا فَمَا الرَّأْي؟ فَقَالَ تَقِيّ الدّين عمر ابْن أَخِيه: نقاتله، فَأنْكر نجم الدّين أَيُّوب أبوهم ذَلِك، وَقَالَ: أَنا والدكم لَو رَأَيْت نور الدّين نزلت وَقبلت الأَرْض بَين يَدَيْهِ أكتب إِلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>