للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدّين على كجك، وَكَانَ بدر الدّين لُؤْلُؤ منتمياً إِلَى الْأَشْرَف فحصر مظفر الدّين صَاحب إربل صَاحب الْموصل عشرَة أَيَّام فِي جُمَادَى الأولى مِنْهَا ليشتغل الْأَشْرَف عَن قصد أَخِيه بخلاط ثمَّ رَحل عَن الْموصل لحصانتها فَلم يلْتَفت الْأَشْرَف إِلَى محاصرة الْموصل، وَسَار فحصر المظفر فَسلمت إِلَيْهِ مَدِينَة خلاط وانحصر المظفر فِي قلعتها وَنزل لَيْلًا إِلَى أَخِيه الْأَشْرَف معتذراً فَقبل عذره وَعفى عَنهُ وَأمره على ميافارقين واستعاد بَاقِي الْبِلَاد مِنْهُ وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة مِنْهَا.

ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة قلت: فِيهَا فِي سَابِع رَجَب توفّي زكي الدّين أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن عبد الْوَاحِد بن رَوَاحَة الْحَمَوِيّ، وَقيل سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة، وَهُوَ منشىء المدرستين الرواحيتين، بِدِمَشْق وحلب وَدفن بِدِمَشْق بمقابر الصُّوفِيَّة وَالله أعلم.

وفيهَا: قدم جلال الدّين من الْهِنْد بعد هربه من جنكيز خَان إِلَى كرمان، ثمَّ إِلَى أَصْبَهَان، وَاسْتولى على عراق الْعَجم، ثمَّ سَار وانتزع فَارس من أَخِيه غياث الدّين وأعادها إِلَى صَاحبهَا أتابك سعد وغياث الدّين مُطِيع لِأَخِيهِ جلال الدّين، ثمَّ استولى على خوزستان، وَكَانَت للخليفة النَّاصِر، ثمَّ قدم إِلَى بعقوبا فاستعدت بَغْدَاد للحصار، ونهبت الخوارزمية الْبِلَاد وامتلأوا مَغَانِم، وقوى جلال الدّين وَعَسْكَره الخوارزمية، ثمَّ قَارب إربل فَصَالحه صَاحبهَا مظفر الدّين، ثمَّ سَار فاستولى على تبريز كرْسِي مملكة أذربيجان وهرب صَاحبهَا مظفر الدّين أزبك بن البهلوان بن إيلدكز، وَكَانَ مَشْغُولًا بالشرب فهرب أزبك إِلَى كنجة من بِلَاد أران قريب من برذعة ومتاخمة الكرج.

واستفحل أَمر جلال الدّين بِملك أذربيجان، وَقَاتل الكرج وَهَزَمَهُمْ وتبعهم يقتل فيهم، وَاتفقَ أَنه ثَبت عِنْد قَاضِي تبريز طَلَاق أزبك بن البهلوان بنت السُّلْطَان طغرل بك آخر السلجوقية، فَتَزَوجهَا جلال الدّين، وَفتح عسكره كنجة، وهرب مظفر الدّين أزبك بن مُحَمَّد البهلوان من كنجة إِلَى قلعة هُنَاكَ ثمَّ هلك.

وفيهَا توفّي الْملك الْأَفْضَل: وَله سميساط فَقَط فَجْأَة وعمره سبع وَخَمْسُونَ وَكَانَ فَاضلا عادلاً شَاعِرًا لَكِن قَلِيل الْحَظ. وَفِي ذَلِك يَقُول:

(يَا من يسود شعره بخضابه ... لعساه من أهل الشبيبة يحصل)

(هَا فاختضب بسواد حظي مرّة ... وَلَك الْأمان بِأَنَّهُ لَا ينصل)

وَلما أخذت مِنْهُ دمشق كتب إِلَى صَاحب لَهُ:

(أَي صديق سَأَلت عَنهُ فَفِي ... الذل وَتَحْت الخمول فِي الوطن)

(وَأي ضد سَأَلت حَالَته ... سَمِعت مَا لَا تحبه أُذُنِي)

قلت: قد أذكرني هَذَا قولي:

(قَالَ بعض النَّاس إِنِّي ... فَاضل فِي الْعلم خامل)

<<  <  ج: ص:  >  >>