للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيهَا: تعرض كيقباذ صَاحب الرّوم إِلَى بِلَاد خلاط فقصده الْملك الْكَامِل بعساكره من مصر، وَنزل على النَّهر الْأَزْرَق فِي حُدُود بِلَاد الرّوم وَقد ضربت فِي عسكره سِتَّة عشر دهليزاً لسِتَّة عشر ملكا فِي خدمته، مِنْهُم إخْوَته الْأَرْبَعَة: الْأَشْرَف مُوسَى صَاحب دمشق، والمظفر غَازِي صَاحب ميافارقين، والحافظ أرسلان شاه صَاحب قلعة جعبر، والصالح إِسْمَاعِيل، والمعظم توران شاه بن صَلَاح الدّين مقدما على عَسْكَر حلب أرْسلهُ ابْن أَخِيه الْعَزِيز، والزاهر دَاوُد بن صَلَاح الدّين صَاحب البيرة، وَأَخُوهُ الْأَفْضَل مُوسَى صَاحب سميساط ملكهَا بعد أَخِيه الْأَفْضَل عَليّ، والمظفر صَاحب حماه، والصالح أَحْمد صَاحب عينتاب ابْن الظَّاهِر، وَصَاحب حلب والناصر دَاوُد صَاحب الكرك بن الْمُعظم عِيسَى بن الْعَادِل، والمجاهد شيركوه صَاحب حمص بن مُحَمَّد بن شيركوه، وَلم يتَمَكَّن السُّلْطَان من دُخُول الرّوم من جِهَة النَّهر الْأَزْرَق لحفظ رجال كيقباذ الدربندات وَأرْسل السُّلْطَان بعض الْعَسْكَر إِلَى حصن مَنْصُور من بِلَاد كيقباذ فهزموه فَقطع السُّلْطَان الْفُرَات وَسَار إِلَى السويدا، وَقدم جاليشه نَحْو الفين وَخَمْسمِائة فَارس مَعَ المظفر صَاحب حماه فَسَار المظفر بهم إِلَى خرت برت، وَسَار كيقباذ ملك الرّوم إِلَيْهِم واقتتلوا فَانْهَزَمَ الجاليش المذكورون، وانحصر المظفر صَاحب حماه فِي خرت برت فِي جمَاعَة، وجد كيقباذ فِي حصارهم والكامل بالسويدا، وَقد أحس بمخامرة الْمُلُوك الَّذين مَعَه وتقاعدهم، فَإِن شيركوه صَاحب حمص سعى إِلَيْهِم وَقَالَ إِن السُّلْطَان ذكر إِنَّه مَتى ملك الرّوم فرقه على مُلُوك بَيته، وينفرد بِملك الشَّام ومصر ففسدت نياتهم لذَلِك فأحجم الْكَامِل عَن كيقباذ ودام الْحصار على المظفر فَطلب الْأمان فَأَمنهُ كيقباذ وأكرمه وخلع عَلَيْهِ وتسلم خرت وبرت من صَاحبهَا من الارتفيه، وَأطلق كيقباذ المظفر بعد يَوْمَيْنِ وَسَار من عِنْده لخمس بَقينَ من ذِي الْقعدَة مِنْهَا إِلَى الْكَامِل بالسويدا من بلد آمد ففرح بِهِ وطلق الْكَامِل ابْنَته من النَّاصِر دَاوُد صَاحب الكرك لقُوَّة الوحشة مِنْهُ.

وفيهَا تمّ بِنَاء قلعة المعرة وَكَانَ سيف الدّين عَليّ بن أبي عَليّ المزباني قد أَشَارَ على الْملك المظفر صَاحب حماه ببنائها وشحنها بِالرِّجَالِ وَالسِّلَاح وَلم يكن ذَلِك مصلحَة للحمويين، فَإِن الحلبيين حاصروها بعد، وأخذوها وَخَربَتْ المعرة بِسَبَبِهَا.

وفيهَا: توفّي سيف الدّين الْآمِدِيّ عَليّ بن أبي عَليّ بن مُحَمَّد بن سَالم التغلبي وَكَانَ حنبلياً وَصَارَ شافعياً، وبرع فِي العقليات وصنف فِيهَا وَفِي أصُول الْفِقْه وَالدّين مصنفات، وتصدر بِمصْر فِي الْجَامِع والمدرسة الملاصقة لتربة الشَّافِعِي وَحصل عَلَيْهِ تحامل وَكتب محْضر بانحلال عقيدته وبالفلسفة وأحضروه لبَعض الْفُضَلَاء ليكتب خطه أُسْوَة الْجَمَاعَة فَكتب:

(حسدوا الْفَتى إِذْ لم ينالوا سَعْيه ... فالقوم أَعدَاء لَهُ وخصوم)

فاستتر الْآمِدِيّ، ثمَّ قدم حماه ثمَّ قدم دمشق وَبهَا توفّي، ومولده سنة إِحْدَى وَخمسين وَخَمْسمِائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>