للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَليّ الطَّعَام فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، قَالَ عَليّ: لقد كَانَ الرجل الْوَاحِد مِنْهُم ليَأْكُل جَمِيع مَا شَبِعُوا كلهم مِنْهُ فَلَمَّا فرغوا من الْأكل وَأَرَادَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يتَكَلَّم بدره أَبُو لَهب إِلَى الْكَلَام فَقَالَ: أَشد مَا سحركم صَاحبكُم فَتفرق الْقَوْم وَلم يكلمهم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ قَالَ يَا عَليّ: " قد رَأَيْت كَيفَ سبقني هَذَا الرجل إِلَى الْكَلَام فَاصْنَعْ لنا فِي غَد كَمَا صنعت الْيَوْم واجمعهم ثَانِيًا " فَصنعَ عَليّ فِي الْغَد كَذَلِك فَلَمَّا أكلُوا وَشَرِبُوا اللَّبن قَالَ لَهُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أعلم إنْسَانا فِي الْعَرَب جَاءَ قومه بِأَفْضَل مِمَّا جِئتُكُمْ بِهِ قد جِئتُكُمْ بخيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقد أَمرنِي الله أَن أدعوكم إِلَيْهِ فَإِنَّكُم تؤازروني على هَذَا الْأَمر " فأحجم الْقَوْم جَمِيعًا.

قَالَ عَليّ: فَقلت وَإِنِّي لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بَطنا وأحمشهم ساقا: أَنا يَا نَبِي اللَّهِ أكون وزيرك عَلَيْهِم وَذكر الحَدِيث فَقَامَ الْقَوْم يَضْحَكُونَ وَيَقُولُونَ لأبي طَالب قد سرك أَن نسْمع لابنك ونطيع وَاسْتمرّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على مَا أمره اللَّهِ تَعَالَى لم يبعد عَنهُ قومه وَلم يردوا عَلَيْهِ حَتَّى عَابَ آلِهَتهم وَنسب قومه وآباءهم إِلَى الْكفْر والضلال فَأَجْمعُوا على عداوته إِلَّا من عصمَة اللَّهِ بِالْإِسْلَامِ.

وذب عَنهُ عَمه أَبُو طَالب فجَاء أَبَا طَالب رجال من أَشْرَاف قُرَيْش مِنْهُم عتبَة وَشَيْبَة ابْنا ربيعَة بن عبد منَاف وَأَبُو سُفْيَان بن أُميَّة بن عبد شمس وَأَبُو البحتري بن هِشَام بن الْحَارِث بن أَسد وَالْأسود بن الْأسود بن الْمطلب بن أَسد وَأَبُو جهل وَنبيه ومنبه ابْنا الْحجَّاج السهميان وَالْعَاص بن وَائِل السَّهْمِي وَهُوَ أَبُو عَمْرو بن الْعَاصِ فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالب إِن ابْن أَخِيك قد عَابَ ديننَا وسفه أَحْلَامنَا وضلل أباءنا فانهه عَنَّا أَو خل بَيْننَا وَبَينه فردهم أَبُو طَالب ردا حسنا وَاسْتمرّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على مَا هُوَ عَلَيْهِ فَعظم عَلَيْهِم وَأتوا أَبَا طَالب ثَانِيًا وَقَالُوا: إِن لم تَنْهَهُ وَإِلَّا نازلناك وإياه حَتَّى يهْلك أحد الْفَرِيقَيْنِ فَعظم عَلَيْهِ وَقَالَ لرَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا ابْن أخي إِن قَوْمك قَالُوا لي كَذَا وَكَذَا فَظن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن عَمه خاذله فَقَالَ: " يَا عَم لَو وضعُوا الشَّمْس فِي يَمِيني وَالْقَمَر فِي شمَالي مَا تركت هَذَا الْأَمر ".

ثمَّ استعبر فَبكى وَقَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فناداه أَبُو طَالب: أقبل يَا ابْن أخي وَقل مَا أَحْبَبْت فوَاللَّه لَا أسلمك لشَيْء أبدا، فَأخذت كل قَبيلَة تعذب كل من أسلم مِنْهَا وَمنع اللَّهِ رَسُوله بِعَمِّهِ أبي طَالب.

" إِسْلَام حَمْزَة " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد الصَّفَا فَمر بِهِ [إِسْنَاده صَحِيح] . أَبُو جهل بن هِشَام فشتم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يكلمهُ وَكَانَ حَمْزَة فِي القنص فَلَمَّا حضر أنبأته مولاة لعبد اللَّهِ بن جدعَان بشتم أبي جهل لِابْنِ أَخِيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَغَضب حَمْزَة وَقصد الْبَيْت ليطوف بِهِ وَهُوَ متوشح قوسه فَوجدَ ابْن هِشَام قَاعِدا مَعَ جمَاعَة فَضَربهُ حَمْزَة بِالْقَوْسِ فَشَجَّهُ ثمَّ قَالَ أتشتم مُحَمَّدًا وَأَنا على دينه فَقَامَتْ رجال من بني مَخْزُوم لينصروا أَبَا جهل فَقَالَ أَبُو جهل: دَعوه فَإِنِّي سببت ابْن أَخِيه سبا قبيحا، ودام حَمْزَة على إِسْلَامه وَعلمت قُرَيْش أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد عز وَامْتنع بِإِسْلَام حَمْزَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>