للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاقْتَدوا بِمَا فعله إخْوَانهمْ بالمغرب وتفطنوا لما كَانُوا غافلين عَنهُ قبل ذَلِك من الْخلاف على الْعَرَب ومزاحمتهم فِي سلطانهم وأصل ذَلِك كُله النزعة الخارجية فاستفحل أَمرهم بالأندلس وَكثر إيقاعهم بجيوش ابْن قطن فخاف أَن يلقى مِنْهُم مَا لقِيه الْعَرَب بالمغرب من إخْوَانهمْ وبلغه أَنهم قد عزموا على قَصده فَلم ير أجدى لَهُ من الإستعداد بصعاليك عرب الشَّام أَصْحَاب بلج الموتورين بسبتة فَكتب إِلَى بلج وَقد مَاتَ عَمه كُلْثُوم فَأَسْرعُوا إِلَى إجَابَته وَكَانَت تِلْكَ أمنيتهم فَأحْسن إِلَيْهِم وأسبغ النِّعْمَة عَلَيْهِم وَشرط عَلَيْهِم أَن يقيموا عِنْده سنة وَاحِدَة حَتَّى إِذا فرغوا لَهُ من البربر انصرفوا إِلَى مغربهم وَخَرجُوا لَهُ عَن أندلسه فرضوا بذلك وَعَاهَدُوهُ وَأخذ مِنْهُم الرهائن عَلَيْهِ ثمَّ قدم عَلَيْهِم ابنيه قطنا وَأُميَّة والبربر فِي جموع لَا يحصيها غير رازقها فَاقْتَتلُوا قتالا صَعب فِيهِ الْمقَام إِلَى أَن كَانَت الدبرة على البربر فَقَتلهُمْ الْعَرَب بأقطار الأندلس حَتَّى ألْحقُوا فَلهم بالثغور وخفوا عَن الْعُيُون فكر الشاميون وَقد امْتَلَأت أَيْديهم من الْغَنَائِم فاشتدت شوكتهم وثابت همتهم وبطروا ونسوا العهود وطالبهم ابْن قطن بِالْخرُوجِ عَن الأندلس فتعللوا عَلَيْهِ وَذكروا صَنِيعه بهم أَيَّام انحصارهم بسبتة وَقَتله الرجل الَّذِي أغاثهم بالميرة فخلعوه وَقدمُوا على أنفسهم أَمِيرهمْ بلج بن بشر وَتَبعهُ جند بن قطن وأغروه بقتْله فَأبى فثارت اليمانية وَقَالُوا قد حميت لمضرك وَالله لَا نطيعك فَلَمَّا خَافَ تفرق الْكَلِمَة أَمر بِابْن قطن فَأخْرج إِلَيْهِم وَهُوَ شيخ كَبِير كفرخ نعَامَة قد شهد وقْعَة الْحرَّة بِالْمَدِينَةِ فَجعلُوا يَسُبُّونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ أفلت من سُيُوفنَا يَوْم الْحرَّة ثمَّ طالبتنا بِتِلْكَ الترة فعرضتنا لأكل الْكلاب والجلود وحبستنا بسبتة محبس الضنك حَتَّى أمتنَا جوعا فَقَتَلُوهُ وصلبوه فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَة وصلبوا عَن يَمِينه خنزيرا وَعَن يسَاره كَلْبا وَاسْتولى بلج على الأندلس وَكَانَت خطوب يطول ذكرهَا وَالله ولي العون والتوفيق

<<  <  ج: ص:  >  >>