للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بهم وَتقدم إِلَى جروان بالكف عَن إذابتهم فَلم يرجِعوا وَلم يقلعوا بل تَمَادَوْا على حَرْب آيت أدراسن وظاهرهم الودايا على عَادَتهم وَأَرَادُوا أَن يَسِيرُوا فيهم بالسيرة الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا أَيَّام السُّلْطَان الْمولى عبد الله ظنا مِنْهُم أَن ذَلِك يتم لَهُم مَعَ ابْنه سَيِّدي مُحَمَّد وهيهات

(إِذا رَأَيْت نيوب اللَّيْث بارزة ... فَلَا تَظنن أَن اللَّيْث مبتسم)

وَلما اتَّصل الْخَبَر بالسلطان أَمر قَائِد العبيد وقائد آيت يمور أَن يشدوا عضد آيت أدراسن وينهضوا لنصرتهم على أعدائهم جروان حَيْثُ انتصرت لَهُم الودايا فهاجت الْحَرْب وكشرت عَن أنيابها وشمرت عَن سَاقهَا فبرز الودايا بجموعهم ونزلوا بوادي فاس فِي أول يَوْم من رَمَضَان وَأَقَامُوا هُنَالك مفطرين منتهكين لحُرْمَة الصّيام بسفرهم الْحَرَام ثمَّ اجْتَمعُوا هم وجروان وَسَارُوا إِلَى جِهَة مكناسة وَأَقْبل آيت أدراسن نحوهم بِمن لافهم من العبيد وآيت يمور فَكَانَ اللِّقَاء على وَادي ويسلن فَوَقَعت الْحَرْب فانتصر آيت أدراسن عَلَيْهِم وهزموهم وانتهبوا محلّة جروان ومحلة الودايا وَقتلُوا مِنْهُم نَحْو الْخَمْسمِائَةِ وحزوا رُؤُوس أعيانهم فعلقوها على الْبَاب الْجَدِيد من مكناسة وَرجع الودايا إِلَى فاس مفلولين لم يتَقَدَّم لَهُم مثلهَا

وَلما اتَّصل خبر ذَلِك بالسلطان اغتاظ على الودايا بِسَبَب افتياتهم عَلَيْهِ وانتهاكهم حُرْمَة جواره فعزم على الْمَكْر بهم وأسرها فِي نَفسه وَلم يبدها لَهُم وَاسْتمرّ مُقيما بمراكش إِلَى أَن دخلت سنة أَربع وَسبعين وَمِائَة وَألف

فَخرج من مراكش قَاصِدا مكناسة ومضمرا الْإِيقَاع بالودايا وأحس الودايا بذلك مِنْهُ فَلَمَّا وصل إِلَى مكناسة بعثوا إِلَيْهِ عجائزهم متشفعات ومعتذرات عَمَّا فرط مِنْهُم فاجتمعن بِهِ أثْنَاء الطَّرِيق وتوسلن إِلَيْهِ بالرحم والقرابة فرق لَهُنَّ وأعطاهن كسى ودراهم وعدن صحبته إِلَى فاس فَنزل بالصفصافة وخيمت بهَا عساكره وَخرج أهل فاس والودايا لملاقاته فألان لَهُم القَوْل وَأظْهر الْبشر وَمن الْغَد أَمر بعمارة المشور بدار الدبيبغ وَقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>