للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبينهمْ فَانْهَزَمَ التّرْك ثَانِيَة وَنهب الْعَرَب محلتهم وتبعوهم إِلَى وهران فحاصروهم وَلما مني الباي مِنْهُم بالداء العضال كتب إِلَى السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان يعرفهُ بِمَا دهاه مِنْهُم وَيطْلب مِنْهُ أَن يبْعَث إِلَيْهِم شيخهم أَبَا عبد الله الْمَذْكُور ليكفهم عَنهُ ويراجعوا طَاعَة المخزن فَبعث السُّلْطَان رَحمَه الله الشَّيْخ الْمَذْكُور وَمَعَهُ الْأمين الْحَاج الطَّاهِر بادو المكناسي فَانْتهى الشَّيْخ إِلَى ابْن الشريف وَهُوَ فِي جموعه بِظَاهِر وهران فَشَكا إِلَى الشَّيْخ مَا نَالَ الْفُقَرَاء والمنتسبين وَسَائِر الرعيه من عسف التّرْك وجورهم وانتهائهم فِي ذَلِك إِلَى الْقَتْل والطرد عَن الوطن فتوقف الشَّيْخ وَرُبمَا صدر مِنْهُ بعض تقبيح لفعل التّرْك وَمَا هم عَلَيْهِ فازدادت الْعَرَب بذلك تظاهرا على التّرْك وتكالبا عَلَيْهِم فاتهم الباي السُّلْطَان بِأَنَّهُ الَّذِي يغريهم لِأَنَّهُ كَانَ ينْتَظر الْفرج على يَده ويرجو رقع الْخرق من جِهَته فأخفق سَعْيه وَحِينَئِذٍ نصب مدافعه فِي وَجه جموع الْعَرَب وفرقهم بالكور والضوبلي فَانْهَزَمُوا عَن وهران وأبعدوا المفر ثمَّ تذامروا وتحالفوا وزحفوا إِلَى تلمسان فنزلوا عَلَيْهَا وحاصروها وَكَانَ أهل تلمسان خُصُوصا وقبائلها عُمُوما لَهُم الْتِفَات كَبِير إِلَى السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان رَحمَه الله لما أكْرمه الله بِهِ من شرف النّسَب وَطيب المنبت وَلما اشْتهر عَنهُ من الْعدْل والرفق بالرعية والشفقة عَلَيْهَا فَكَانُوا يحبونَ الدُّخُول فِي طَاعَته والانخراط فِي سلك رَعيته فَلَمَّا نزلت الْعَرَب على تلمسان تمشت الرُّسُل بَينهم وَبَين الْحَضَر من أَهلهَا وَاتَّفَقُوا على خلع طَاعَة التّرْك ومبايعة السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان ففتحوا بَاب الْمَدِينَة وَدخل ابْن الشريف وطائفته وَأخذ الْبيعَة بهَا للسُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان وخطب بِهِ على منابرها وَوجه وفده وهديته إِلَى السُّلْطَان مَعَ شَيْخه أبي عبد الله الْمَذْكُور ثمَّ نهد فِي عربه وحضره من أهل تلمسان لِحَرْب الكرغلية الَّذين بالقصبة فأجحرهم بهَا وضيق عَلَيْهِم فَلم يبْق للترك حِينَئِذٍ شكّ فِي أَن ذَلِك كُله بِأَمْر السُّلْطَان فَكَتَبُوا إِلَى الدولاتي وَهُوَ باشاهم الْأَعْظَم صَاحب الجزائر يعلمونه بالواقع واستمرت الْحَرْب بَينهم

<<  <  ج: ص:  >  >>