للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فجاج مَكَّة تفَرقُوا فِي النواحي وَأخذُوا مَعَهم أحجارا من الْحرم تبركا بهَا فَكَانَ أحدهم يضع الْحجر فِي بَيته فيطوف ويتمسح بِهِ ويعظمه ثمَّ توالت السنون وخلفت الخلوف فعبدوا تِلْكَ الْأَحْجَار ثمَّ عبدُوا غَيرهَا وَذَهَبت مِنْهُم ديانَة إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام إِلَّا يَسِيرا جدا بَقِي فيهم إِلَى أَن صبحهمْ الْإِسْلَام هَذَا معنى مَا ذكره ابْن إِسْحَاق وَقد تكلم الشاطبي وَغَيره من الْعلمَاء فِيمَا يقرب من هَذَا وَذكروا أَن الغلو فِي التَّعْظِيم أصل من أصُول الضلال وَلَو لم يكن فِي ذَلِك إِلَّا قَضِيَّة الشِّيعَة لَكَانَ كَافِيا فَالْحَاصِل أَن خير الْأُمُور الْوسط وَمن هُنَا أَيْضا كَانَ السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان رَحمَه الله قد أبطل بِدعَة المواسم بالمغرب وَهِي لعمري جديرة بالإبطال فسقى الله ثراه وَجعل فِي عليين مثواه

وَلما كَانَ رَمَضَان من سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ وَألف قدم الْمولى إِبْرَاهِيم ابْن السُّلْطَان الْمَذْكُور من الْحجاز وَنزل بطنجة وَكَانَ قدومه فِي قرصان الإنجليز لِأَن وَالِده رَحمَه الله كَانَ قد وَجهه إِلَيْهِ مَعَ بضع قراصينه إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة فصادفوه قد انحدر إِلَى جَزِيرَة مالطة فَركب الْمولى الْمَذْكُور فِيمَا خف من حَاشِيَته فِي قرصان النجليز وَسبق إِلَى طنجة فاحتل بهَا ثمَّ سَار إِلَى حَضْرَة وَالِده بمكناسة فَأَقَامَ عِنْده ثَلَاثًا ريثما استراح ثمَّ انْفَصل عَنهُ إِلَى دَاره بفاس فَخرج لملاقاته جَيش الودايا وأشراف فاس وأعلامها وَسَائِر عامتها بفرح وسرور وَكَانَ يَوْم دُخُوله يَوْمًا مشهودا وَلما وصل الْقَوْم الَّذين كَانُوا مَعَه نشرُوا محاسنه وفضائله ومكارمه المحمودة وفواضله وَمَا فعله من الْبر فِي طَرِيق الْحَج خُصُوصا فِي مفاوز الْحجاز فقد أنْفق فِيهَا على الضُّعَفَاء وَالْمَسَاكِين مَا لايحصى وشاع ذكره فِي الْحَرَمَيْنِ الشريفين وتجاوزهما إِلَى مصر وَالشَّام والعراقين وَلما نفذ مَا عِنْده استسلف من التُّجَّار الَّذين كَانُوا مَعَه أَمْوَالًا طائلة أنفقها فِي سَبِيل الله وَلما قدم أَرْبَابهَا على السُّلْطَان عرفوه بِمَا استسلفه مِنْهُم وَلَده وأطلعوه على حساباتهم فَعرف أَن مَا فعله وَلَده صَوَاب فَأمر رَحمَه الله لأولئك التُّجَّار بِقَضَاء مَا أسلفوه وَأَن يُزَاد لَهُم مِقْدَار ربحه

<<  <  ج: ص:  >  >>