للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيعَة السُّلْطَان إِلَيْهِ من العبيد وَغَيرهم وَنزل جلهم بفاس الْقَدِيم وَبَقِي الودايا وحدهم بفاس الْجَدِيد ثمَّ استدعى السُّلْطَان عبيد مكناسة فقدموا عَلَيْهِ وَلما علم الودايا بعزم السُّلْطَان على الْخُرُوج من بَين أظهرهم ساءهم ذَلِك وَعَلمُوا أَنه إِن خرج من بَين أظهرهم لَا يتركهم حَتَّى يُوقع بهم فراودوه على الْمقَام وتنصلوا وأظهروا التَّوْبَة وَتقدم سفهاؤهم إِلَى العبيد فأنشبوا مَعَهم الْحَرْب وَهلك من الْفَرِيقَيْنِ عدد ثمَّ تدارك السُّلْطَان أَمرهم وتلطف وَطيب أنفسهم وَأجْمع على الْخُرُوج إِلَى مكناسة فَخرج بثقله وأثاثه وأمواله وسلك طَرِيق قبقب وَعقبَة المساجين كَأَنَّهُ يُرِيد بِلَاد الغرب وَخرج لتشييعه جمَاعَة وافرة من أَعْيَان الودايا ثمَّ أَنهم ندموا ونكسوا على رؤوسهم وَرُبمَا سمعُوا من العبيد بعض كَلَام فحميت أنوفهم وتحزبوا وأوقعوا بالعبيد فَانْهَزَمُوا عَن السُّلْطَان وانتهب الودايا خيرته وأثاثه وَقَامَ عقالهم دون الْعِيَال حَتَّى ردُّوهُ إِلَى الدَّار مَحْفُوظًا مصونا وَلم يَفْعَلُوا أحسن مِنْهَا وَأما المَال والأثاث فقد أَتَى عَلَيْهِ النهب وَكَانَ شَيْئا كثيرا وَتقدم السُّلْطَان رَحمَه الله لطيته وَتَبعهُ سَفِيه من سُفَهَاء الودايا كَانَ أَرَادَ الفتك فِيهِ فحماه الله مِنْهُ وَوصل السُّلْطَان رَحمَه الله إِلَى مكناسة فاستقر بهَا واتصل خبر هَذِه الْفِتْنَة بالقائد إِدْرِيس بن حمان الجراري وَهُوَ مسجون بتازا فاحتال على سراح نَفسه بِأَن افتعل كتابا على لِسَان السُّلْطَان وَبعث بِهِ إِلَى عَامل تازا فسرحه وَكَانَ السُّلْطَان رَحمَه الله قد بعث إِلَى الْقَائِد إِدْرِيس الْمَذْكُور وَهُوَ بتلمسان أَربع وَرَقَات مَخْتُومًا عَلَيْهَا بالخاتم السلطاني الْكَبِير وَأمره السُّلْطَان رَحمَه الله أَن يحْتَفظ بِتِلْكَ الورقات وَلَا يسْتَعْمل وَاحِدَة مِنْهُنَّ إِلَّا فِي أهم الْمُهِمَّات مِمَّا يتَوَقَّف عَلَيْهِ غَرَض السُّلْطَان والدولة وَلَا تمكن مشاورته فِيهِ لبعد الْمسَافَة بَين فاس وتلمسان فَعمد الْقَائِد إِدْرِيس إِلَى وَاحِدَة من تِلْكَ الورقات فَكتب فِيهَا بتسريحه فسرح وَجَاء يجد السّير إِلَى فاس وبنفس وُصُوله كتب إِلَى السُّلْطَان يُعلمهُ بِمَا صنع وَأَنه لَا زَالَ على مَا يعْهَد مَوْلَانَا من بذل النصح وَالسَّعْي فِي صَلَاح السُّلْطَان والجيش فَأَجَابَهُ السُّلْطَان رَحمَه الله بِمَا نَصه

وَبعد فقد وصلنا كتابك وعرفنا مَا فِيهِ وَالْحَمْد لله على سلامتك وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>