للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونطالعك بغاية قصدنا وأمنيتنا فِي الْجَيْش وَمَا يجلب رضانا عَنْهُم وَكُنَّا نجيبك عَن ذَلِك جَوَابا إقناعيا لعدم وثوقنا وقتئذ بِصدق لهجتك وَكَانَ يخيل لنا أَنَّك تباحثنا على جِهَة الِاطِّلَاع على خبيئة أمرنَا والآن اتَّضَح مَا أَنْت عَلَيْهِ من الصدْق ووفور الْمحبَّة وخلوص النِّيَّة حَتَّى صرت بِهِ كَأحد أَوْلَادنَا

(وَلَيْسَ يَصح فِي الأذهان شَيْء ... إِذا احْتَاجَ النَّهَار إِلَى دَلِيل)

وَعَلِيهِ فَأَنت أولى من نبثه سرنا وَلَا ندخر عَنهُ شَيْئا من دخيلة أمرنَا فَاعْلَم أرشدك الله أَن من بارزنا بالسوء قولا وفعلا من ذَلِك الْجَيْش هم المغافرة كَافَّة واستوى فِي ذَلِك كَبِيرهمْ وصغيرهم قويهم وضعيفهم وَلم يلف مِنْهُم رجل رشيد وَلَو ساعدهم الودايا وَأهل السوس وخلوا بَينهم وَبَين هواهم لَكَانَ مَا أرادوه من تلف مهجتنا وَلَكِن الله سلم وَلَا يخفى على أحد مَا استوجبوه لذَلِك شرعا وطبعا ولسالف خدمتهم وكظم الغيظ المرغب فِيهِ ارتكبنا فِي جانبهم أخف مَا أوجبه الله تَعَالَى على أمثالهم قَالَ جلّ علاهُ {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا} الْمَائِدَة ٣٣ الْآيَة وَقد آلَيْت على نَفسِي وأشهدت الله وَمَلَائِكَته أَن لَا يضمني سور فاس الْجَدِيد والمغافرة بِهِ فَهَذَا هُوَ مَحْض الصدْق والآن بَين لنا كَيفَ يكون الْعَمَل فِي ذَلِك وَمَا نقدم وَمَا نؤخر لِأَن المُرَاد قَضَاء الْغَرَض من غير مشقة وَلَا فضيحة للجيش وَهل تفشي هَذَا أَو تكتمه وعَلى تَقْدِير امتثالهم عين لنا أَي مَحل ينتقلون إِلَيْهِ من ثغور إيالتنا كالرباط وَغَيره أَو قَصَبَة مراكش فَإِن النَّفس لم تسمح بهم بِالْكُلِّيَّةِ بل المُرَاد زجرهم وَإِقَامَة بعض حق الله فيهم وَيحصل لنا الاطمئنان والسكينة ونبر قسمنا فالمؤمن لَا يلْدغ من جُحر مرَّتَيْنِ وَمَا ذكرت من أَنا عاهدناك ووعدناك بِالْإِحْسَانِ والتنويه بشأنك فَإِنَّهُ وعد صدق لَا مرية فِيهِ إِن شَاءَ الله وَكَيف وَقد اسْتَوْجَبت منا كل جميل وقدمك لمعالي الْأُمُور عقلك وصدقك وَلَو ألفينا فِي الْجَيْش مثلك لضممنا عَلَيْهِ البراجم والرواجب وَفعلنَا فِي جَانِبه مَا هُوَ الْوَاجِب وَقد اقتصرت حَيْثُ طلبت أَن تكون بِمَنْزِلَة الْقَائِد قدور بن الْخضر عِنْد سَيِّدي الْكَبِير رحمهمَا الله فَأَنت

<<  <  ج: ص:  >  >>