للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إِذا أَنْت أكرمت الْكَرِيم ملكته ... وَإِن أَنْت أكرمت اللَّئِيم تمردا)

(وَوضع الندا فِي مَوضِع السَّيْف بالعلى ... مضربه كوضع السَّيْف فِي مَوضِع الندا)

فَلَمَّا رَأينَا لجاجهم فِي عمالهم وَعدم رجوعهم عَن هواهم وَأَنَّهُمْ لم يعتبروا بجلائهم عَن بِلَادهمْ وَلَا بِمَا أَصَابَهُم من الْفِتْنَة فِي أنفسهم وَأَوْلَادهمْ وَلم يراعوا مَا نهب من زرعهم الْقَائِم والحصيد وَلَا مَا استخرج من مخزونهم الْكثير العتيد رَأينَا قِتَالهمْ شرعا وجهادهم ذبا عَن الدّين ودفعا فاعتمدنا على حول الله وقوته وأمرنا بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِم فِي الْأَخْذ والتضييق وَالْمُبَالغَة فِي النهب وَالتَّحْرِيق وتركهم مَحْصُورين فِي أوعارهم ومقهورين فِي أوكارهم إِذْ رب مطاولة أبلغ من مصاولة فتوالت عَلَيْهِم الغارات وَتَتَابَعَتْ عَلَيْهِم النكبات لَا يَجدونَ إِلَى الرَّاحَة سَبِيلا أَيْنَمَا ثقفوا أخذُوا وَقتلُوا تقتيلا فَفِي كل يَوْم تثمر العوالي رُؤُوس رُؤَسَائِهِمْ وتتخطف أَيدي المنايا أهل بأسائهم وَكلما رادوهم إقداما وطلبا ازدادوا توغلا فِي الْجبَال وهربا حَتَّى نهكتهم الْحَرْب وضرستهم مُوالَاة الطعْن وَالضَّرْب وَضاع بالحصار الْكسْب وَالْمَال وَلحق الضَّرَر الْأَوْلَاد والعيال فَجعلُوا يرحلون لقبائل جوارهم طَالِبين لحلفهم وجوارهم وَبلغ الْبُؤْس فيهم غَايَته وَأظْهر الله فيهم آيَته وهم فِي خلال هَذَا كل حِين يتشفعون ويتذللون فِي قبُول تَوْبَتهمْ ويتضرعون وَنحن نظهر لَهُم التمنع والإباية لنبني أَمرهم على أساس الْجد ونجازيهم على مَا ارتكبوه من خلف الْوَعْد فَلَمَّا أنجزت القهرية فيهم وعدها وَبَلغت الْعقُوبَة فيهم حَدهَا قابلنا إساءتهم بِالْإِحْسَانِ وراعينا فيهم وَجه الْمَسَاكِين وَالنِّسَاء وَالصبيان فولينا عَلَيْهِم مِنْهُم ثَلَاثَة عُمَّال ووظفنا عَلَيْهِم خمسين ألف مِثْقَال وشرطنا عَلَيْهِم تَقْوِيم مِائَتَيْنِ من الحراك مثل قبائل الطَّاعَة والتزام الصّلاح والخدمة جهد الِاسْتِطَاعَة فَقَامُوا بذلك أحسن قيام وأعطوا المراهين فِي أَدَاء المَال بعد أَيَّام وَكَانَ أَخذهم بعد تَقْدِيم الْأَعْذَار وتكرير الْإِنْذَار وعفونا عَنْهُم عَفْو غلب واقتدار وَرب عِقَاب أنتج حسن طَاعَة وتوبة نصوح تداركت مَا سلف من التَّفْرِيط والإضاعة وَفِي النَّاس من لَا يصلح إِلَّا مَعَ التَّشْدِيد وَرَبك يخلق مَا يَشَاء وَيفْعل مَا يُرِيد

<<  <  ج: ص:  >  >>