للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْخَمْسَة آلَاف وزحفوا إِلَى الْعَدو وقاتلوه نَحْو نصف شهر وكل يَوْم يقتل مِنْهُ ضعف مَا يقتل من الْمُسلمين لِأَن حربه كَانَ زحفا بالصف وحربهم كَانَ مطاردة بالكر والفر فَلَا بُد أَن يهْلك مِنْهُ أَكثر مِمَّا يهْلك من الْمُسلمين غير أَنهم لم يتمكنوا من مخالطته فِي مُعَسْكَره وَلَا من هزيمته لِأَنَّهُ كَانَ يحصن على نَفسه بأشبارات والمتارزات بخناشى الرمل وَغَيرهَا غَايَة التحصين ثمَّ بعث السُّلْطَان رَحمَه الله أَخَاهُ الْفَقِيه الْعَلامَة الْمولى الْعَبَّاس فِي كَتِيبَة من الْخَيل نَحْو الْخَمْسمِائَةِ فَارس فَنزل بِموضع يعرف بِعَين الدالية قرب طنجة ثمَّ بعد أَيَّام زحف إِلَى الْعَدو فَنزل بمدشر يُقَال لَهُ الْبيُوت باللانجرة وَاسْتمرّ الْقِتَال بَين الْمُسلمين وَالنَّصَارَى على نَحْو ماسبق نَحْو الْعشْرَة أَيَّام ثمَّ انْتقل الْمُسلمُونَ إِلَى مَوضِع آخر يعرف بِأبي كدان خوفًا من كرة الْعَدو ودهمه إيَّاهُم فَكَانَ ذَلِك مِمَّا جرأ الْعَدو عَلَيْهِم وَأظْهر الفشل فيهم وقاتلوا هُنَالك نَحْو الْخَمْسَة عشر يَوْمًا ثمَّ إِن الْعَدو اجْتمع يَوْمًا وَتحمل بخيله وَرجله وزحف إِلَى الْمُسلمين فصدمهم بِجَمِيعِ قوته وشوكته فصبروا لَهُ وَصَدقُوهُ اللِّقَاء فَردُّوهُ على عقبه وَلما لم يستقم لَهُ ذَلِك جمع نَفسه ذَات لَيْلَة من غير شُعُور من الْمُسلمين وَركب الْبَحْر وَنزل بِمحل يعرف بالفنيدق لِأَنَّهُ كَانَ هُنَالك فندق قديم وَكَانَ الْعَدو فِي تنقلاته هَذِه لَا يُفَارق السَّاحِل ليحمي ظَهره بمراكبه البحرية وَكَانَ بَين الفندق ومحلة الْمُسلمين نَحْو سَاعَة وَنصف فَأَشَارَ أهل الرَّأْي على الْمولى الْعَبَّاس بِأَن يتَأَخَّر فليلا لكَون الْعَدو قد ضايقه فَتَأَخر الْمولى الْعَبَّاس بالجيش إِلَى مَوضِع يعرف بمجاز الْحَصَا فازداد طمع الْعَدو فِي الْمُسلمين وَظهر لَهُ ضعف رَأْيهمْ فِي مَكَائِد الْحَرْب وَعدم ثباتهم لَدَى الطعْن وَالضَّرْب وَكَانَ قَائِد عَسْكَر الإصبنيول يُسمى أردنيل ووزيره المشير عَلَيْهِ يُسمى بريم ورينتهم يَوْمئِذٍ إيسابيلا الثَّانِيَة ثمَّ عَاد الْمُسلمُونَ إِلَى مطاردة الْعَدو ومقاتلته على نَحْو مَا أسلفنا فَكَانُوا يذهبون إِلَيْهِ وَهُوَ بالفنيدق فيقاتلونه من الصَّباح إِلَى الْمسَاء فَكَانُوا ينالون مِنْهُ وينال مِنْهُم وَفِي أثْنَاء هَذِه الْمدَّة وَفد جمَاعَة من أهل تطاوين على السُّلْطَان رَحمَه الله بمكناسة فأعظموا أَمر الْعَدو

<<  <  ج: ص:  >  >>