للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ فِي القرطاس بَايعه جَمِيع الْقَبَائِل حَتَّى لم يبْق تَحت طَاعَة عبد الْمُؤمن إِلَّا مراكش فسرح إِلَيْهِ عبد الْمُؤمن عسكرا من الْمُوَحِّدين لنظر يحيى بن إِسْحَاق أنكمار النازع إِلَيْهِ من إيالة تاشفين بن عَليّ حَسْبَمَا تقدم فَالتقى بالماسي وقاتله فانتصر الماسي عَلَيْهِ وَعَاد مهزوما إِلَى عبد الْمُؤمن فسرح إِلَيْهِ عبد الْمُؤمن ثَانِيًا الشَّيْخ أَبَا حَفْص الهنتاتي فِي جَيش عَظِيم من أَشْيَاخ الْمُوَحِّدين وَغَيرهم واحتفل عبد الْمُؤمن فِي الاستعداد ونهض الشَّيْخ أَبُو حَفْص من مراكش فاتح ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وشيعه عبد الْمُؤمن إِلَى وَادي تانسيفت ثمَّ دَعَا لَهُ وودعه وَانْصَرف الشَّيْخ أَبُو حَفْص فِي جيوش الْمُوَحِّدين حَتَّى انْتَهوا إِلَى رابطة ماسة فبرز إِلَيْهِم مُحَمَّد بن هود فِي نَحْو سِتِّينَ ألفا من الرجالة وَسَبْعمائة من الفرسان فَكَانَت بَينهم حَرْب شَدِيدَة ثمَّ انتصر عَلَيْهِم الموحدون فهزموهم وَقتل مُحَمَّد بن هود فِي المعركة مَعَ كثير من أَتْبَاعه وفضت جموعه وَكَانَ ذَلِك فِي ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة وَكَانَ الَّذِي بَاشر قتل ابْن هود هُوَ الشَّيْخ أَبُو حَفْص رَئِيس الْجَيْش فلقبه الموحدون سيف الله تَشْبِيها لَهُ بِخَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ

وَكتب الشَّيْخ أَبُو حَفْص إِلَى عبد الْمُؤمن برسالة الْفَتْح من إنْشَاء الْفَقِيه أبي جَعْفَر بن عَطِيَّة الْقُضَاعِي الْكَاتِب الْمَشْهُور يَقُول فِيهَا كتَابنَا هَذَا من وَادي ماسة بعد مَا تجدّد من أَمر الله الْكَرِيم وَنَصره تَعَالَى الْمَعْهُود الْقَدِيم وَمَا النَّصْر إِلَّا من عِنْد الله الْعَزِيز الْحَكِيم فتح بهر الْأَنْوَار إشراقا وأحدق بنفوس الْمُؤمنِينَ إحداقا وَنبهَ للأماني النائمة جفونا وأحداقا واستغرق غَايَة الشُّكْر استغراقا فَلَا تطِيق الألسن لكنه وَصفه إدراكا وَلَا لحَاقًا جمع أشتات الطّلب والأرب وتقلب فِي النعم أكْرم مُنْقَلب وملأ دلاء الأمل إِلَى عقد الكرب

(فتح تفتح أَبْوَاب السَّمَاء لَهُ ... وتبرز الأَرْض فِي أثوابها القشب)

<<  <  ج: ص:  >  >>