للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعث إِلَيْهِ بالقدوم من مَدِينَة فاس فوافاه بتامسنا وباشر الْمَنْصُور أَخذ الْبيعَة لَهُ بِنَفسِهِ وَحضر الْأَعْيَان وَأهل العقد والحل وأحضر الْمُصحف الْكَرِيم الَّذِي هُوَ مصحف عقبَة بن نَافِع الفِهري رَضِي الله عَنهُ قَالَ وَهُوَ من ذخائر الْخُلَفَاء وأحضر الصحيحان لِلشَّيْخَيْنِ وَقُرِئَ ظهير الْبيعَة وَذَلِكَ فِي شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَلم يزل الْمُصحف العقباني متداولا بَين الْمُلُوك السعديين إِلَى أَن انقرضت دولتهم وَجَاءَت الدولة الشَّرِيفَة العلوية السجلماسية فانتقل الْمُصحف الْمَذْكُور إِلَيْهَا وتداولته مُلُوكهَا إِلَى أَن جَاءَ السُّلْطَان الْمولى عبد الله بن إِسْمَاعِيل بن الشريف رَحمَه الله فَبعث هَدِيَّة سنية مَعَ ركب الْحَاج للحرم النَّبَوِيّ وَبعث فِي جُمْلَتهَا الْمُصحف الْمَذْكُور

قَالَ صَاحب الْبُسْتَان وَلما سَافر الركب النَّبَوِيّ يَعْنِي سنة خمس وَخمسين وَمِائَة وَألف وَجه مَعَه السُّلْطَان الْمولى عبد الله ثَلَاثَة وَعشْرين مُصحفا بَين كَبِير وصغير كلهَا محلاة بِالذَّهَب منبتة بالدر والياقوت وَمن جُمْلَتهَا الْمُصحف الْكَبِير العقباني الَّذِي كَانَ الْمُلُوك يتوارثونه بعد الْمُصحف العثماني وَهُوَ مصحف عقبَة بن نَافِع الفِهري نسخه بالقيروان من الْمُصحف العثماني فَوَقع هَذَا الْمُصحف بيد الْأَشْرَاف الزيدانيين يتداولونه بَينهم إِلَى أَن بلغ إِلَى السُّلْطَان الْمولى عبد الله الْمَذْكُور فغربه من الْمغرب إِلَى الْمشرق وَرجع الدّرّ إِلَى صدفه والإبريز إِلَى معدنه

قَالَ الشَّيْخ المسناوي وَقد وقفت عَلَيْهِ حِين أَمر السُّلْطَان الْمولى عبد الله بتوجيهه إِلَى الْحُجْرَة النَّبَوِيَّة وَظهر لي أَن تَارِيخ كثبه بالقيروان فِيهِ نظر لبعد مَا بَينهمَا

وَوجه مَعَه السُّلْطَان الْمَذْكُور ألفي حَصَاة بالتثنية وَسَبْعمائة حَصَاة من الْيَاقُوت الْمُخْتَلفَة الألوان إِلَى الْحُجْرَة النَّبَوِيَّة على الْحَال بهَا أفضل الصَّلَاة وأزكى السَّلَام

وَهَذِه الْأَخْبَار وَإِن كَانَت متباعدة التَّارِيخ فَهِيَ متناسبة الْمَعْنى جمعناها هُنَا ليقف النَّاظر عَلَيْهَا فِي مَحل وَاحِد وَتحصل فائدتها متناسقة وَالله الْمُوفق

<<  <  ج: ص:  >  >>