للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هممهم وأثار حفائظهم وأراهم كَيفَ اقتطع عَنْهُم الْأَمر شَيْئا فَشَيْئًا فَابْن أبي حَفْص اقتطع إفريقية ويغمراسن بن زيان اقتطع الْمغرب الْأَوْسَط ثمَّ أَقَامَ فِيهِ الدعْوَة الحفصية وَابْن هود اقتطع الأندلس وَأقَام فِيهَا دَعْوَة بني الْعَبَّاس وَابْن الْأَحْمَر بالجانب الآخر مِنْهَا مُقيم للدعوة الحفصية أَيْضا وَهَؤُلَاء بَنو مرين قد تغلبُوا على ضواحي الْمغرب ثمَّ سموا إِلَى تملك أمصاره وَإِن سكتنا على هَذَا فيوشك أَن يخْتل الْأَمر وتنقرض الدولة فتذامروا وتداعوا إِلَى النهوض إِلَيْهِم فحشد السعيد الْجنُود وجهز العساكر وأزاح عللهم واستنفر عرب الْمغرب وَمَا يَلِيهِ واحتشد كَافَّة المصامدة

ونهض من مراكش آخر سنة خمس وَأَرْبَعين وسِتمِائَة يُرِيد مكناسة وَبني مرين أَولا ثمَّ تلمسان ويغمراسن ثَانِيًا ثمَّ إفريقية وَابْن أبي حَفْص ثَالِثا

وَلما نزل بوادي بهت أَخذ فِي عرض عساكره وتمييزها فَخرج الْأَمِير أَبُو بكر بن عبد الْحق من مكناسة لَيْلًا وَحده يتجسس الْأَخْبَار فَأَشْرَف على جموع السعيد فَرَأى مَا لَا قبل لَهُ بِهِ فَعَاد إِلَى قومه وَأَفْرج للسعيد عَن الْبِلَاد وتلاحقت بِهِ بَنو مرين من أماكنها الَّتِي كَانَ الْأَمِير أَبُو بكر أنزلهم بهَا واجتمعوا عَلَيْهِ بحصن تازا وطامن بِلَاد الرِّيف

وَتقدم السعيد إِلَى مكناسة فَخرج إِلَيْهِ أَهلهَا يطْلبُونَ مِنْهُ الْعَفو وَقدمُوا بَين أَيْديهم الشَّيْخ الصَّالح أَبَا عَليّ مَنْصُور بن حرزوز وتلقوه بالصبيان من الْمكَاتب على رؤوسهم الألواح وَبَين أَيْديهم الْمَصَاحِف وَخرج النِّسَاء حاسرات يطلبن الْعَفو فَعَفَا عَنْهُم

ثمَّ ارتحل إِلَى تازا فِي أَتبَاع بني مرين وانتقل أَبُو بكر بن عبد الْحق إِلَى بني يزناسن ثمَّ رَاجع نظره فِي مسالمة الْمُوَحِّدين وَالدُّخُول فِي أَمرهم فَبعث ببيعته إِلَى السعيد وَهُوَ يَوْمئِذٍ بتازا مَعَ جمَاعَة من وُجُوه بني مرين فقبلها السعيد وَعَفا لَهُم عَمَّا سلف فَسَأَلَهُ وفدهم أَن يستكفي بالأمير أبي بكر فِي أَمر تلمسان وصاحبها يغمراسن بن زيان وَقد كتب إِلَيْهِ الْأَمِير أَبُو بكر أَيْضا

<<  <  ج: ص:  >  >>