للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بذلك يَقُول يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ارْجع إِلَى حضرتك وقوني بالجيش وَأَنا أكفيك أَمر يغمراسن وَافْتَحْ لَك تلمسان فَاسْتَشَارَ السعيد وزراءه فَقَالُوا لَا تفعل فَإِن الزناتي أَخُو الزناتي لَا يَخْذُلهُ وَلَا يُسلمهُ فَكتب إِلَيْهِ السعيد بِأَن يبْعَث إِلَيْهِ جمَاعَة من قومه يعسكرون مَعَه فأمده الْأَمِير أَبُو بكر بِخَمْسِمِائَة من قبائل بني مرين وَعقد عَلَيْهِم لِابْنِ عَمه أبي عياد بن ابي يحيى بن حمامة وَخَرجُوا تَحت رايات السعيد ونهض من تازا يُرِيد تلمسان

وَعند ابْن أبي زرع أَن السعيد لما فرغ من أَمر مكناسة عَسْكَر بِظَاهِر فاس وهنالك أَتَتْهُ بيعَة بني مرين قَالَ ثمَّ ارتحل السعيد عَن فاس فِي الرَّابِع عشر من محرم سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة وَخسف الْقَمَر تِلْكَ اللَّيْلَة خسوفا كليا وَأصْبح السعيد غاديا يُرِيد تلمسان فَلَمَّا ركب فرسه انْكَسَرت لؤلؤة المنصوري فتطير وَنزل وَلم يرتحل إِلَّا فِي الْيَوْم السَّادِس عشر من الشَّهْر الْمَذْكُور

وَلما سمع يغمراسن بإقبال السعيد إِلَيْهِ خرج من تلمسان فِي عشيرته وَقَومه من سَائِر بني عبد الواد وتحملوا بأهليهم وَأَوْلَادهمْ إِلَى قلعة تامزردكت قبْلَة وَجدّة فَاعْتَصمُوا بهَا ووفد على السعيد الْفَقِيه عبدون وَزِير يغراسن مُؤديا للطاعة وساعيا فِي مَذَاهِب الْخدمَة ومتوليا من حاجات الْخَلِيفَة بتلمسان مَا يَدعُوهُ إِلَيْهِ ويصرفه فِي سَبيله ومعتذرا تخلف يغمراسن عَن الْوُصُول إِلَى حَضْرَة السعيد فلج السعيد فِي شَأْنه وَلم يعذرهُ وأبى إِلَّا مُبَاشرَة طَاعَته بِنَفسِهِ وساعده فِي ذَلِك كانون بن جرمون السفياني صَاحب الشورى بمجلسه وَمن حضر من الْمَلأ وردوا الْفَقِيه عبدون إِلَى يغمراسن ليستقدمه فتثاقل يغمراسن عَن الْقدوم خشيَة على نَفسه

وَاعْتمد السعيد الْجَبَل فِي عساكره حَتَّى أَنَاخَ بهَا فِي ساحة القلعة وَأخذ بمخنقهم ثَلَاثَة أَيَّام وَفِي الْيَوْم الرَّابِع ركب مهجرا فِي وَقت القيلولة على حِين غَفلَة من النَّاس ليتطوف بالقلعة ويتقرى مكامنها فَبَصر بِهِ فَارس من بني عبد الواد يعرف بِيُوسُف الشَّيْطَان كَانَ أَسْفَل الْجَبَل بِقصد الحراسة وَاتفقَ أَن يغمراسن بن زيان وَابْن عَمه يَعْقُوب بن جَابر كَانَا قريبين مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>