للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاس وَالْمغْرب وأسنى لَهُ الْهَدِيَّة فِي ذَلِك وأكد الْعَهْد فِي الْمُوَالَاة والمناصرة فَأَجَابَهُ يغمراسن إِلَى ذَلِك نَهَضَ من حِينه فشن الغارات على ثغور الْمغرب واضرم نَار الْفِتْنَة بهَا

واتصل ذَلِك بالأمير يَعْقُوب وَهُوَ محاصر لمراكش فَرجع عوده على بدنه وَسَار إِلَى يغمراسن فناجزه الْحَرْب وانتصف مِنْهُ على مَا يَنْبَغِي وحسم مَادَّة فَسَاده

ثمَّ كرّ رَاجعا إِلَى مراكش فِي شعْبَان سنة سِتّ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وَلما عبر وَادي أم الرّبيع شن الغارات على النواحي وَبث السَّرَايَا فِي الْجِهَات وَطَالَ عيثه فِي الْبِلَاد وأبدأ فِي ذَلِك وَأعَاد حَتَّى ضَاقَتْ صُدُور بني عبد الْمُؤمن بمراكش وتكدر عيشهم فحرضهم أولياؤهم من عرب جشم وأغروهم باستنهاض أبي دبوس لمدافعة عدوه ووعدوهم النَّصْر من أنفسهم فَتحَرك أَبُو دبوس لذَلِك واشرأبت نَفسه إِلَى الْقِتَال فحشد وأبلغ وبرز من الحضرة فِي جيوش ضخمة وجموع وافرة

وَلما علم الْأَمِير يَعْقُوب بِخُرُوجِهِ ودنوه مِنْهُ أظهر من نَفسه الْعَجز عَن لِقَائِه وكر رَاجعا إِلَى جِهَة بِلَاده يستجره بذلك ليبعد عَن الحضرة ومددها وَتَمَادَى أَبُو دبوس فِي اتِّبَاعه حَتَّى انْتهى إِلَى وَادي ودغفو فكر عَلَيْهِ الْأَمِير يَعْقُوب والتحم الْقِتَال وَقَامَت الْحَرْب على سَاق فَلم تمض إِلَّا سَاعَة حَتَّى انهزم الْمُوَحِّدين وَأطلق أَبُو دبوس عنانه للفرار يُرِيد مراكش فَأَدْرَكته خيل بني مرين وتناولته رماحهم وخر صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ واحتز رَأسه وَجِيء بِهِ إِلَى الْأَمِير يَعْقُوب فَسجدَ شكرا لله تَعَالَى ثمَّ بعث بِهِ إِلَى فاس وَتقدم هُوَ إِلَى مراكش فاستولى عَلَيْهَا فِي أَوَائِل محرم سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وفر الموحدون الَّذين كَانُوا بمراكش إِلَى جبل تينملل فَبَايعُوا إِسْحَاق بن أبي إِبْرَاهِيم أَخا المرتضى فَبَقيَ ذبالة هُنَالك إِلَى سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة فَقبض عَلَيْهِ وَجِيء بِهِ إِلَى السُّلْطَان يَعْقُوب بن عبد الْحق هُوَ وَابْن عَمه السَّيِّد أَبُو سعيد بن أبي الرّبيع ووزيره القبائلي وَأَوْلَاده فَقتلُوا جَمِيعًا وانقرضت دولة بني عبد الْمُؤمن من الأَرْض وَذَهَبت محَاسِن مراكش يَوْمئِذٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>