للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلما توفّي ظهر هَذَا الْأَثر على تربته وانسحبت على مَكَانَهُ عَادَة حَيَاته وَوَقع الْإِجْمَاع على تَسْلِيم هَذِه الدَّعْوَى وتخطى النَّاس مُبَاشرَة قَبره بِالصَّدَقَةِ إِلَى بعثها لَهُ من أماكنهم على بعد المدى وَانْقِطَاع الْأَمَاكِن القصى تحملهم أَجْنِحَة نياتهم فَتَهْوِي إِلَيْهِ بمقاصدهم من كل فج عميق فيجدون الثَّمَرَة الْمَعْرُوفَة والكرامة الْمَشْهُورَة

وَفِي سنة عشر وسِتمِائَة كَانَ الوباء الْعَظِيم بالمغرب والأندلس

وَفِي سنة سِتّ عشرَة وسِتمِائَة توفّي الشَّيْخ الْفَقِيه الصَّالح أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد السّلمِيّ البلفيقي يَنْتَهِي نسبه إِلَى الْعَبَّاس بن مرداس السّلمِيّ صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أَبُو إِسْحَاق رَحمَه الله من كبار الْعلمَاء العاملين والزهد الْمُحَقِّقين مثابرا على الِاجْتِهَاد والانقطاع إِلَى الله تَعَالَى وَظَهَرت عَلَيْهِ بِبَلَدِهِ المرية من عدوة الأندلس كرامات وَاجْتمعَ عَلَيْهِ خلق كثير وشاع ذكره هُنَالك فوشوا بِهِ إِلَى الْخَلِيفَة صَاحب مراكش وَهُوَ يُوسُف الْمُنْتَصر الموحدي فَكتب إِلَى عَامله على المرية يَأْمُرهُ بتوجيهه الشَّيْخ أبي إِسْحَاق مكرما غير مروع

وَلما عزم الْعَامِل على تَوْجِيهه قَامَ الْعَامَّة والأتباع دون الشَّيْخ وَأَرَادُوا أَن يحولوا بَينه وَبَين الْعَامِل فَقَالَ لَهُم الشَّيْخ طَاعَة السُّلْطَان وَاجِبَة وَلما انْتهى إِلَى مراكش وَدخل على الْمُنْتَصر هابه وجله وَنَدم على مَا كَانَ مِنْهُ إِلَيْهِ ثمَّ بَالغ فِي إكرامه وَبعد ذَلِك مرض الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق وَتُوفِّي فِي السّنة الْمَذْكُورَة واحتفل النَّاس لجنازته وحضرها الْأُمَرَاء والكبراء وَكسر الْعَامَّة نعشه واقتسموا أعواده تبركا بِهِ وقبره مَشْهُور بمراكش بسوق الدَّقِيق مِنْهَا وبقرب ضريحه مَسْجِد جَامع ينْسب إِلَيْهِ والعامة تَقول جَامع سَيِّدي إِسْحَاق بِدُونِ لفظ الكنية وَلَيْسَ كَذَلِك

وَفِي سنة سبع عشرَة وسِتمِائَة كَانَ الْجَرَاد والقحط والغلاء الشَّديد بالمغرب وفيهَا ألف الْفَقِيه أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن يحيى التادلي المراكشي الدَّار عرف بِابْن الزيات كِتَابه الْمُسَمّى بالتشوف إِلَى رجال التصوف وَذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>