للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة واحتل بساحل طريف وَكَانَ السُّلْطَان يَعْقُوب حِين استصرخه ابْن الْأَحْمَر وأوفد عَلَيْهِ مَشَايِخ الأندلس اشْترط عَلَيْهِ السُّلْطَان يَعْقُوب النُّزُول عَن بعض الثغور بساحل الفرضة لاحتلال عساكره بهَا فتجافى لَهُ عَن رندة وطريف

وَلما أحس الرئيس أَبُو مُحَمَّد بن أشقيلولة بِإِجَازَة السُّلْطَان يَعْقُوب قدم إِلَيْهِ الْوَفْد من أهل مالقة ببيعتهم وصريخهم وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد بن أشقيلولة وَأَخُوهُ أَبُو إِسْحَاق من أَصْهَار ابْن الْأَحْمَر وَكَانَا مستوليين على مالقة ووادي آش وقمارش وَوَقعت بَينهمَا وَبَين ابْن الْأَحْمَر مُنَافَسَة فَخَرَجَا عَن طَاعَته وَلما عبر السُّلْطَان يَعْقُوب إِلَى الأندلس بَادر أَبُو مُحَمَّد بن أشقيلولة إِلَيْهِ واتصل بِهِ وأمحضه الود والنصح وسابق ابْن الْأَحْمَر فِي ذَلِك ونازعه فِي برور مقدمه والإذعان لَهُ وَرُبمَا صدرت من ابْن أشقيلولة فِي حق ابْن الْأَحْمَر جفوة بِمحضر السُّلْطَان يَعْقُوب أدَّت إِلَى بعض الْفساد وَانْصَرف ابْن الْأَحْمَر مغاضبا للسُّلْطَان من أجل ذَلِك

وَلما احتل السُّلْطَان بِنَاحِيَة طريف مَلَأت كتائبه ساحة الأَرْض مَا بَينهَا وَبَين الجزيرة الخضراء ثمَّ نَهَضَ إِلَى الْعَدو قبل أَن يسْبق إِلَيْهِم الْخَبَر فَدخل دَار الْحَرْب وانْتهى إِلَى الْوَادي الْكَبِير فعقد هُنَالك لوَلَده الْأَمِير يُوسُف على خَمْسَة آلَاف من عسكره قدمهَا بَين يَدَيْهِ ثمَّ تبعه على أَثَره وسرح كتائبه فِي البسائط وخلال المعاقل تنسف الزروع وتخطم الغروس وتخرب الْعمرَان وتنتهب الْأَمْوَال وتكتسح السَّرْح وَتقتل الْمُقَاتلَة وَتَسْبِي النِّسَاء والذرية حَتَّى انْتهى إِلَى حصن المدور وبياسة وأبدة واقتحم حصن بلمة عنْوَة وأتى على سَائِر الْحُصُون فِي طَرِيقه فطمس معالمها واكتسح أموالها

وقفل السُّلْطَان يَعْقُوب رَحمَه الله وَالْأَرْض تموج سبيا إِلَى أَن عرس بأستجه من تخوم دَار الْحَرْب وجاءه النذير بِاتِّبَاع الْعَدو آثاره لاستنقاذ أسراه واسترجاع أَمْوَاله وَأَن زعيم الفرنج وعظيمهم نونه خرج فِي طَلَبهمْ فِي أُمَم النَّصْرَانِيَّة من المحتلم إِلَى الشَّيْخ فَقدم السُّلْطَان الْغَنَائِم بَين يَدَيْهِ وسرح ألفا من الفرسان أمامها وَسَار يقتفيها من خلفهَا حَتَّى إِذا أطلت رايات الْعَدو مر ورائهم كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>