للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السُّلْطَان أَبُو سعيد رَحمَه الله سنة سِتّ عشرَة إِلَى طنجة لاختبار طَاعَة أبي زَكَرِيَّاء فَبَان لَهُ صدقه وَعقد لَهُ على سبتة وَاشْترط هُوَ على نَفسه حمل الجباية إِلَى السُّلْطَان وإسناء الْهَدِيَّة فِي كل سنة وَاسْتمرّ الْحَال على ذَلِك إِلَى أَن هلك أَبُو زَكَرِيَّاء سنة عشْرين وَسَبْعمائة وَقَامَ بِالْأَمر بعده ابْنه مُحَمَّد بن أبي زَكَرِيَّاء إِلَى نظر ابْن عَمه مُحَمَّد بن عَليّ بن الْفَقِيه أبي الْقَاسِم شيخ قرابتهم وَكَانَ قَائِد الأساطيل بسبتة ولي النّظر فِيهَا بعد أَن نزع الْقَائِد يحيى الرنداحي إِلَى الأندلس وتغلب مُحَمَّد بن عَليّ هَذَا بسبتة وَاخْتلفت كلمة الغوغاء واضطرب الْأَمر على بني العزفي بهَا

فانتهز السُّلْطَان أَبُو سعيد الفرصة فِيهَا وَأجْمع النهوض إِلَيْهَا فَنَهَضَ سنة ثَمَان وَعشْرين وَسَبْعمائة وَنزل عَلَيْهَا فبادر أهل سبتة بإيتاء طاعتهم وَعجز مُحَمَّد بن أبي زَكَرِيَّاء عَن المناهضة وظنها مُحَمَّد بن عَليّ من نَفسه فتعرض لِلْأَمْرِ فِي أوغاد من لفيفها اجْتَمعُوا إِلَيْهِ فدافعهم الْمَلأ من أهل سبتة عَن ذَلِك وحملوهم على الطَّاعَة واقتادوا بني العزفي إِلَى السُّلْطَان أبي سعيد فانقادوا إِلَيْهِ واحتل السُّلْطَان بقصبة سبتة وثقف جهاتها ورم مِثْلَمَا واصلح خللها وَاسْتعْمل كبار رجالاته وخواص مَجْلِسه فِي أَعمالهَا فعقد لحاجبه عَامر بن فتح الله السدراتي على حاميتها وَعقد لأبي الْقَاسِم بن أبي مَدين العثماني على جبايتها وَالنَّظَر فِي مبانيها وَإِخْرَاج الْأَمْوَال للنفقات فِيهَا وأسنى جوائز الْمَلأ من مشيختها ووفر إقطاعاتهم وجراياتهم وأوعز بِبِنَاء الْبَلَد الْمُسَمّى أفراك على سبتة فشرعوا فِي بنائها سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة وانكفأ رَاجعا إِلَى حَضرته وَقد ذكر ابْن الْخَطِيب فِي كتاب الإكليل مُحَمَّد بن أبي زَكَرِيَّاء هَذَا فَقَالَ فِيهِ مَا صورته فرع تأود من الرياسة فِي دوحة وَتردد بَين غدْوَة فِي الْمجد وروحة نَشأ والرياسة العزفية تعله وتنهله والدهر ييسر أمله الْأَقْصَى ويسهله حَتَّى اتسقت اسباب سعده وانتهت إِلَيْهِ رياسة سلفه من بعده فَأَلْقَت إِلَيْهِ رِحَالهَا وحطت ومتعته بقربها بعد مَا شطت ثمَّ كلح لَهُ الدَّهْر بعد مَا تَبَسم وَعَاد زعزعا نسيمه الَّذِي كَانَ تنسم وعاق هلاله عَن تمه مَا كَانَ من تغلب ابْن عَمه وَاسْتقر بِهَذِهِ الْبِلَاد نازح الدَّار بِحكم الأقدار وَإِن كَانَ نبيه المكانة

<<  <  ج: ص:  >  >>