للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعدوهم وخالطوهم فِي أساطيلهم واستلحموهم هبرا بِالسُّيُوفِ وطعنا بِالرِّمَاحِ وألقوا أشلاءهم فِي اليم وَقتلُوا قائدهم الملند وَاسْتَاقُوا أساطيلهم مجنوبة إِلَى مرسى سبتة فبرز النَّاس لمشاهدتها وطيف بِكَثِير من رؤوسهم فِي جَوَانِب الْبَلَد ونظمت أصفاد الأسرى بدار الْإِنْشَاء وَعظم الْفَتْح وَجلسَ السُّلْطَان للتهنئة وَأنْشد الشُّعَرَاء بَين يَدَيْهِ وَكَانَ ذَلِك يَوْم السبت سادس شَوَّال سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة فَكَانَ من أعز أَيَّام الْإِسْلَام ثمَّ شرع السُّلْطَان أَبُو الْحسن فِي إجَازَة العساكر من المتطوعة والمرتزقة وانتظمت الأساطيل سلسلة وَاحِدَة من العدوة إِلَى العدوة وَلما تكاملت العساكر بالعبور وَكَانَت نَحْو سِتِّينَ ألفا أجازهو فِي أسطوله مَعَ خاصته وحشمه آخر سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة وَنزل بِسَاحَة طريف وأناخ عَلَيْهَا ثَالِث محرم من السّنة بعْدهَا وَشرع فِي منازلتها ووافاه سُلْطَان الأندلس أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن إِسْمَاعِيل بن الْأَحْمَر فِي عَسْكَر الأندلس من غزَاة بني مرين وحامية الثغور ورجالة البدو فعسكروا حذاء مُعَسْكَره وَأَحَاطُوا بطريف نطاقا وَاحِدًا وأنزلوا بهَا أَنْوَاع الْقِتَال ونصبوا عَلَيْهَا الْآلَات وجهز الطاغية أسطولا آخر اعْترض بِهِ الزقاق لقطع الْمرَافِق عَن المعسكر وَطَالَ مقَام الْمُسلمين بمكانهم حول طريف ففنيت أَزْوَادهم وَقلت العلوفات فوهن الظّهْر واختلت أَحْوَالهم ثمَّ احتشد الطاغية أُمَم النَّصْرَانِيَّة وَظَاهره البرتقال صَاحب أشبونة وَغرب الأندلس وزحفوا إِلَى الْمُسلمين لسِتَّة أشهر من نزولهم على طريف وَلما قرب الطاغية من معسكر الْمُسلمين سرب إِلَى طريف جَيْشًا من النَّصَارَى أكمنه بهَا إِلَى وَقت الْحَاجة إِلَيْهِ فَدَخَلُوهَا لَيْلًا على حِين غَفلَة من العسس الَّذين أرصدوا لَهُم وأحسوا بهم آخر اللَّيْل فثاروا بهم من مراصدهم وأدركوا أَعْقَابهم قبل دُخُول الْبَلَد فَقتلُوا مِنْهُم عددا وَقد نجا أَكْثَرهم فلبسوا على السُّلْطَان أَنه لم يدْخل الْبَلَد سواهُم حذرا من سطوته ثمَّ زحف الطاغية من الْغَد فِي جموعه إِلَى الْمُسلمين وعبأ السُّلْطَان مواكبه صُفُوفا وتزاحفوا وَلما نشبت الْحَرْب برز الْجَيْش الكمين من الْبَلَد وَهُوَ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>