للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَحْبُوس عَلَيْهِ القصبة لَيْلًا وأخرجوه من محبسه وأعلنوا بدعوته ثمَّ اقتحموا على حَاجِبه رضوَان دَاره فَقَتَلُوهُ على فرَاشه وَبَين نِسَائِهِ وضبطوا القصبة وأعلنوا بالدعوة وَلم يرع الْغَنِيّ بِاللَّه إِلَّا قرع الطبول بالقصبة فِي جَوف اللَّيْل فاستكشف الْخَبَر وَتسمع فَعلم بِمَا تمّ عَلَيْهِ من خلعه وتولية أَخِيه فَركب فرسه وخاض اللَّيْل إِلَى وَادي آش فاستولى عَلَيْهَا وضبطها وَبَايَعَهُ أَهلهَا على الْمَوْت ثمَّ عمد شيعَة إِسْمَاعِيل الثائر إِلَى الْوَزير ابْن الْخَطِيب فأودعوه السجْن بعد أَن أغروا بِهِ ثائرهم واكتسحوا دَاره واصطلموا نعْمَته وأتلفوا موجوده وَكَانَ شَيْئا يجل عَن الْحصْر واتصل ذَلِك كُله بالسلطان أبي سَالم وَكَانَت لَهُ مصافاة مَعَ ابْن الْأَحْمَر من لدن كَانَ عِنْده بالأندلس فَكتب إِسْمَاعِيل الثائر وشيعته يَأْمُرهُم بتخلية طَرِيق الْغَنِيّ بِاللَّه للقدوم عَلَيْهِ ويشفع فِي تَسْرِيح ابْن الْخَطِيب وتخلية سَبيله فَأَجَابُوا إِلَى ذَلِك وَقدم الْغَنِيّ بِاللَّه بن الْأَحْمَر ووزيره ابْن الْخَطِيب على السُّلْطَان أبي سَالم فِي السَّادِس من محرم فاتح سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة فأجل السُّلْطَان أَبُو سَالم قدومه وَركب للقائه وَدخل بِهِ إِلَى مجْلِس ملكه وَقد احتفل فِي ترتيبه وَقد غص بالمشيخة والعلية ووقف وزيره ابْن الْخَطِيب على قَدَمَيْهِ فَأَنْشد السُّلْطَان أَبَا سَالم قصيدته الرائية يستصرخه لسلطانه ويستحثه لمظاهرته على أمره واستعطف واسترحم بِمَا أبكى النَّاس شَفَقَة لَهُ ورحمه وَنَصّ القصيدة

(سلا هَل لَدَيْهَا من مخبرة ذكر ... وَهل أعشب الْوَادي ونم بِهِ الزهر)

(وَهل باكر الوسمي دَارا على اللوا ... عفت آيها إِلَّا التَّوَهُّم وَالذكر)

(بلادي الَّتِي عاطيت مشمولة الْهوى ... بِأَكْنَافِهَا والعيش فينان مخضر)

(وجوى الَّذِي ربى جناحي وَكره ... فها أَنا ذَا مَا لي جنَاح وَلَا وكر)

(نبت بِي لَا عَن جفوة وملالة ... وَلَا نسخ الْوَصْل الهني بهَا هجر)

(وَلكنهَا الدُّنْيَا قَلِيل متاعها ... ولذاتها دأبا تزور وتزور)

(فَمن لي بِقرب الْعَهْد مِنْهَا ودوننا ... مدى طَال حَتَّى يَوْمه عندنَا شهر)

(وَللَّه عينا من رآنا وللأسى ... ضرام لَهُ فِي كل جانحة جمر)

<<  <  ج: ص:  >  >>