للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحكى بَعضهم أَن عمرا الْمَذْكُور لما جعل شلو الشَّيْخ فِي التابوت كَانَ إِذا رَجَعَ بِهِ من حربه وَضعه فِي رَوْضَة عِنْده يسميها الرِّبَاط فَإِذا جنه اللَّيْل أطاف الحرس بالروضة يَحْرُسُونَ التابوت من السراق ويوقد عَلَيْهِ كل لَيْلَة فَتِيلَة عَظِيمَة فِي مِقْدَار الثَّوْب مغموسة فِي نَحْو مَدين من الزَّيْت ليقوى الضَّوْء وينتشر ويبلغ من كل الْجِهَات إِلَى مَسَافَة بعيدَة فتنكشف الطّرق عَمَّن يَأْتِي عَلَيْهَا كل ذَلِك مَخَافَة أَن يُؤْخَذ مِنْهُ شلو الشَّيْخ فينتصر بِهِ عَلَيْهِ

وَيُقَال إِن ثورة عَمْرو الْمَذْكُورَة وفتنته كَانَت أثرا من آثَار دعوات الشَّيْخ الْجُزُولِيّ رَحمَه الله فقد ذكر تلامذته كالشيخ التباع وَغَيره أَن الشَّيْخ الْجُزُولِيّ خرج عَلَيْهِم من آخر اللَّيْلَة الَّتِي قتل فِي صبيحتها فَقَالُوا لَهُ يَا سَيِّدي النَّاس يَزْعمُونَ أَنَّك الفاطمي المنتظر فَقَالَ مَا يبحثون إِلَّا عَمَّن يقطع رقابهم الله يُسَلط عَلَيْهِم من يقطع رقابهم وَكرر ذَلِك مرَارًا فَكَانُوا يرَوْنَ أَن أثر دَعوته ظهر فِي عَمْرو السياف وَالله أعلم

وَقتل عَمْرو الْمَذْكُور سنة تسعين وَثَمَانمِائَة وَاخْتلف فِيمَن قَتله فَقيل كَانَ عَمْرو قد تزوج زَوْجَة الشَّيْخ الْجُزُولِيّ وبنته فَلَمَّا رأتا مَا هُوَ عَلَيْهِ من الزندقة وَالْفساد فِي الأَرْض قتلتاه امتعاضا للدّين ترصدتاه حَتَّى إِذا نَام عدتا عَلَيْهِ فقتلتاه ثمَّ رمت إِحْدَاهمَا وَهِي بنت الشَّيْخ بِنَفسِهَا من كوَّة هُنَالك فِي الْبَيْت الَّذِي كَانُوا بِهِ فوصلت إِلَى الأَرْض سَالِمَة ونجت وَبقيت الْأُخْرَى وَهِي الزَّوْجَة بِالْبَيْتِ فَدَخَلُوا عَلَيْهَا فَقَتَلُوهَا وَقيل إِنَّمَا قتلته زَوجته وربيبته وَقيل غير ذَلِك وَالله أعلم

وَلما هلك عَمْرو السياف دفن النَّاس الشَّيْخ الْجُزُولِيّ وَقيل هُوَ دَفنه بِموضع يعرف بتاصروت ثمَّ نقل بعد إِلَى مراكش على مَا نذْكر إنْشَاء الله وَلما ذكر الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس الصومعي فِي كِتَابه الْمَوْضُوع فِي مَنَاقِب الشَّيْخ أبي يعزى قصَّة نقل الشَّيْخ الْجُزُولِيّ إِلَى مراكش وَأَنه وجد طريا لم يتَغَيَّر بعد وَفَاته بِنَحْوِ سبعين سنة قَالَ وأعجب من هَذَا أَن عمرا المغيطي السياف زَعَمُوا أَنه وجد كَذَلِك وَلَعَلَّه أَدْرَكته بركَة هَذَا الشَّيْخ مَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَالْفضل بيد الله اه

<<  <  ج: ص:  >  >>