للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عجبا بليغا وَكَانَ ذَلِك الْيَوْم يَوْمًا مشهودا وَكَانَ من جملَة مَا فِيهَا ثَلَاثمِائَة ألف دكات من ريال الْفضة وَأما الطّرف النفيسة والأثاث الرفيع فشيء لَا يُحْصى ثمَّ وَردت أرسال طاغية الإصبنيول صَاحِبَة قشتالة بهدية عَظِيمَة مِنْهَا اليواقيت الْكِبَار الَّتِي انتزعها الطاغية من تَاج آبَائِهِ وصنيديق مَمْلُوء من الدّرّ الفاخر وقضب الزمرد وَغير ذَلِك وَتكلم النَّاس فِيمَا بَين الهديتين أَعنِي هَدِيَّة البرتغالي وهدية الإصبنيولي أَيهمَا أعظم وَلم يهتد أهل الْعقل والمعرفة إِلَى مِقْدَار التَّفَاوُت بَينهمَا ثمَّ قدمت أرسال السُّلْطَان مُرَاد العثماني وَمَعَهُمْ هَدِيَّة وَهِي سيف محلى لم ير مثله مضاء وصفاء متن ثمَّ قدمت أرسال طاغية أفرانسة وَمَعَهُمْ هَدِيَّة عَظِيمَة وَلم تزل الْوُفُود مترادفة بِبَاب الْمَنْصُور والأرسال تصبح وتمسي على أعتاب تِلْكَ الْقُصُور إِلَى أَن لم يبْق أحد مِمَّن تتشوف النُّفُوس إِلَيْهِ وَحِينَئِذٍ اطمأنت بالمنصور الدَّار وطاب الْمقَام وَتمّ الْقَرار

وَفِي جُمَادَى الأولى سنة سبع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة مرض الْمَنْصُور مَرضا مخوفا وَطَالَ بِهِ حَتَّى كَادَت الْأُمُور تختل ثمَّ تَدَارُكه الله على يَد الْحَكِيم الماهر أبي عبد الله مُحَمَّد الطَّبِيب وَلما أبل من مَرضه أحسن إِلَى الطَّبِيب الْمَذْكُور ونثر عَلَيْهِ خُرُوجه من الْخلْع مَا لَا يُحْصى وَكَانَ يَوْم خُرُوجه يَوْمًا مشهودا وَفِي ذَلِك يَقُول الْفَقِيه الأديب أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الهوزالي الْمَعْرُوف بالنابغة

(تردى أَذَى من سقمك الْبر وَالْبَحْر ... وضجت لشكوى جسمك الشَّمْس والبدر)

(وَبَات الْهدى خوفًا عَلَيْك مسهدا ... وَأصْبح مذعور الْفُؤَاد الندى الْغمر)

(فَلَمَّا أعَاد الله صحتك الَّتِي ... أَفَاق بهَا من غمه البدو والحضر)

(تراءت لنا الدُّنْيَا بزينة حسنها ... وَعَاد إِلَى إبانه ذَلِك الْبشر)

(وَصَارَ بك الْإِسْلَام فِي كل بَلْدَة ... يهني وَيَدعِي أَن يطول لَك الْعُمر)

(وَصحت لنا الآمال بعد اعتلالها ... وعادت إِلَى الإيناع أَغْصَانهَا الْخضر)

(وَلَا غرو إِن صَامت على سمط الندى ... إِذا اغبر وَجه الأَرْض وَاحْتبسَ الْقطر)

(لبيت أبي الْعَبَّاس أنضت عجافها ... قَدِيما فخافت أَن يعاودها الضّر)

(لَئِن صدئت بيض الْمَعَالِي لقد غَدَتْ ... تسيء الكماة الْبيض واللدن السمر)

<<  <  ج: ص:  >  >>