للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذِه الدولة كَانَ السُّلْطَان منسا مُوسَى بن أبي بكر وَأَخُوهُ منسا سُلَيْمَان اللَّذَان كَانَ بَينهمَا وَبَين السُّلْطَان أبي الْحسن المريني من المهاداة والمواصلة مَا تقدم ذكره وَكَانَ مَعَ السُّلْطَان منسا مُوسَى الْمَذْكُور الأديب الشَّاعِر أَبُو إِسْحَاق الطوبجن الأندلسي الَّذِي بنى لَهُ الْقبَّة المربعة العجيبة الصَّنْعَة البديعة النقش والتخريم الَّتِي أجَازه عَلَيْهَا بِاثْنَيْ عشر ألف مِثْقَال من التبر وَغير ذَلِك مِمَّا مر ذكره فِي أَخْبَار الدولة المرينية وَكَانَ مِنْهَا أَيْضا السُّلْطَان ماري زاطة الَّذِي هادى السُّلْطَان أَبَا سَالم المريني وَأغْرب عَلَيْهِ بالزرافة حَسْبَمَا تقدم قَالُوا وَكَانَ هَذَا السُّلْطَان مُسْرِفًا مبذرا بِحَيْثُ أفسد ملكهم وأتلف ذخيرتهم وَكَاد أَمر سلطانهم يخْتل حَتَّى لقد انْتهى الْحَال بِهِ فِي سرفه وتبذيره أَن بَاعَ حجر الذَّهَب الَّذِي كَانَ من الذَّخَائِر الموروثة عِنْدهم وَهُوَ حجر يزن عشْرين قِنْطَارًا من الذَّهَب الْعين مَنْقُولًا من الْمَعْدن كَذَلِك من غير علاج وَلَا تصفية بالنَّار فَكَانُوا يرونه من أنفس الذَّخَائِر وأكبر الغرائب لندور مثله فِي الْمَعْدن فعرضه منسا زاطة على تجار مصر المترددين إِلَى بَلَده فاشتروه مِنْهُ بأبخس ثمن ثمَّ أَصَابَته عِلّة النّوم وَهُوَ مرض يطْرق أهل ذَلِك الإقليم كثيرا وخصوصا الرؤساء مِنْهُم بِحَيْثُ يعتاده غشي النّوم عَامَّة زَمَانه حَتَّى لَا يكَاد يفِيق وَلَا يَسْتَيْقِظ إِلَّا فِي الْقَلِيل من الْأَوْقَات ويضر بِصَاحِبِهِ غَايَة ويتصل سقمه إِلَى أَن يهْلك ودامت هَذِه الْعلَّة بِهَذَا السُّلْطَان سنتَيْن ثمَّ هلك مِنْهَا سنة خمس وَسبعين وَسَبْعمائة ثمَّ توارث بنوه الْملك من بعده فَكَانُوا فِي تراجع وانتقاص إِلَى أَن انقرض أَمرهم شَأْن غَيرهم من الدول وَظَهَرت دولة آل سكية من أهل مملكة كوكو وَيُقَال كاغو

قَالَ الإِمَام التكروري فِي كِتَابه نصيحة أهل السودَان إِن آل سكية أصلهم من صنهاجة وملكوا كثيرا من بِلَاد السودَان وَأول مُلُوكهمْ الْحَاج مُحَمَّد سكية بِضَم السِّين وَسُكُون الْكَاف بعْدهَا يَاء مَفْتُوحَة ثمَّ هَاء تَأْنِيث وَكَانَ الْحَاج مُحَمَّد الْمَذْكُور رَحل فِي أَوَاخِر الْمِائَة التَّاسِعَة إِلَى مصر والحجاز

<<  <  ج: ص:  >  >>