للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي هَذِه السّنة أَعنِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة فِي ذِي الْحجَّة مِنْهَا سَافر الْمَنْصُور إِلَى فاس وبينما هُوَ فِي الطَّرِيق وافته الْبُشْرَى بِالْفَتْكِ بنصارى سبتة وَأَن زعيم الفئة الجهادية وَهُوَ الْمُقدم أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد النقسيس التطواني كمن لَهُم مَعَ جمَاعَة من الفرسان فِي مَوضِع فَخرج النَّصَارَى بأولادهم وحشمهم فحال النقسيس بَينهم وَبَين سبتة وأوقع بهم وَكَاد يفتحها وسر الْمَنْصُور بِهَذَا الْخَبَر وأنشده فِي ذَلِك الْكَاتِب أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الفشتالي بَيْتَيْنِ زجر لَهُ مِنْهُمَا الفال باستيلائه عَلَيْهَا وهما

(هَذِه سبتة تزف عروسا ... نَحْو ناديك فِي شباب قشيب)

(وَهِي بشرى وَأَنت كفؤ اللواتي ... كافأت بَعْلهَا بِفَتْح قريب)

وَفِي سنة سبع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة فِي الْيَوْم الثَّانِي من ذِي الْقعدَة مِنْهَا أخلى النَّصَارَى مَدِينَة آصيلا حملهمْ الْخَوْف من كَتِيبَة الْمُسلمين المرابطة هُنَالك على الْفِرَار بِأَنْفسِهِم فتركوها يبابا وذهبوا وَفِي ذَلِك يَقُول أَبُو الْعَبَّاس ابْن القَاضِي

(يَا أَيهَا الْمَنْصُور أبشر بالعلا ... فَالله أبلغ فِي العدا المأمولا)

(أنضاكم سَيْفا لحتف عداته ... وبكم غَدا سيف الردى مفلولا)

(وهزمتم الشّرك المتين بعزمكم ... من غير سيف لم يرى مسلولا)

(وأذيتم كيد الْخَبيث بهمة ... وفتحتم دَار العدا آصيلا)

(أكْرم بِهِ من مَالك بل صَالح ... أضحى لبارود العداة خَلِيلًا)

(لَا زَالَ فِي أنف الْهدى شمما وَفِي ... عين الْعَلَاء يشاكل التكحيلا)

وَأَشَارَ بقوله لبارود العداة خَلِيلًا إِلَى مَا صنعه النَّصَارَى دمرهم الله حِين أَرَادوا الْخُرُوج من آصيلا فَإِنَّهُم حفروا تَحت قصبتها وملؤوا الحفرة بالبارود وأوقدوا فتيلا تبلغه ناره عِنْد دُخُول الْمُسلمين فيهلكون ففر نَصْرَانِيّ مِنْهُم وَأخْبر الْمُسلمين بذلك فنجاهم الله تَعَالَى من مكيدة الوبال وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال وَقَالَ فِي ذَلِك أَيْضا الْكَاتِب البارع أَبُو فَارس عبد الْعَزِيز الفشتالي شعرًا ذكره صَاحب نشر المثاني فَانْظُرْهُ

وَكَانَ فِي زمن الْمَنْصُور رجال من بيوتات الْمغرب معروفون بالشجاعة

<<  <  ج: ص:  >  >>